Lessons by Sheikh Atiya Salem
دروس للشيخ عطية سالم
शैलियों
أركان الوصية بالجار واهتمام الشرع بها
وأركان الوصية: الموصي والموصى إليه والموصى به.
فالوصية بالجار ما مقدارها؟ وما مصدرها؟ جاء في الحديث الصحيح قوله ﷺ: (ما زال جبريل يوصيني بالجار)، فالموصي هنا هو جبريل ﵇، يوصي رسول الله ﷺ، الذي جعله الله بالمؤمنين رءوفًا رحيمًا، والذي وصفه الله بمكارم الأخلاق، وهو لا يحتاج إلى وصية، فهو فاهم ومدرك، ومكارم أخلاقه تحمله على حسن المعاملة، ومع ذلك يوصيه جبريل بالجار.
ونعلم أن الوصية تكون محددة، كما في آية الوصية بالأولاد: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:١١]، وقوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾ [الأحقاف:١٥]، وقوله: ﴿إذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ﴾ [البقرة:١٨٠] فالوصية بالخير مطلوبة.
وما هو أسلوب وسياق الوصية التي جاء بها جبريل ﵇ إلى رسول الله؟ جاء في الأدب المفرد للبخاري أن رجلًا من الأنصار قال: (خرجت مع أخي إلى النبي ﷺ، فجئت فإذا هو قائم يقاوم رجلًا -يقاوم على وزن يفاعل، أي: هذا قائم وهذا قائم معه، وهو نظيره- فظننت أن له حاجة -أي: هذا الرجل- فجلست، فأطالا القيام حتى أشفقت على رسول الله ﷺ من طول قيامه، ثم ذهب الرجل، وقمت إلى النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله! لقد رثيت لك من طول قيامك مع هذا الرجل، فقال: أرأيته؟ قلت: نعم، قال: أتدري من هو؟ قلت: لا، قال: إنه جبريل، ولو سلمت عليه لرد عليك السلام، وما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).
وهذا القيام الطويل هل هو بكلمة (أوصيك بالجار)، أو أنه كان يعدد عليه جوانب الوصية فيما ينبغي للجار؟ لا نستطيع أن نحكم بشيء؛ لأن الرسول ﷺ لم يبين لنا صيغة الوصية، لكن يهمنا من هذا السياق أن رسول الله ﵊ أطال القيام مع جبريل، حتى أن الأنصاري جلس ورثى لطول قيام رسول الله ﷺ، وكان هذا الجهد كله ليتلقى الوصية بالجار، وأعتقد أن هذا السياق يعطينا مدى مكانة الوصية، ومدى اهتمام الشريعة بها.
19 / 4