لَّما رأيتُ الوَجْد قد شَفَّني ... وخانني من بعدكَ الصَّبرُ
مَنَنْتَ بالوصل على مُغرمٍ ... ذاب اشتياقًا فلكَ الأجرُ
فقال: خلنا من زخرف الأقوال، فلك المنة علينا في جميع الأحوال، وقم بنا إلى الدار، وأخلها من الرقباء والأغيار، وحظي في ذلك أوفي وأوفر، ونصيبي منه أقوى وأكثر، فاستعد لوصالي، فنعم البدل أنا من خيالي، فقد تبلج الليل الدامس، وابتسم ثغر الدهر العابس، وحضر الحبيب وغاب الرقيب، وقهقه العيش بعد القطوب، ولم تبق حاجة في نفس يعقوب، فقم بنا فدتك النفس، فقد أقبل السعد وولى العكس.
فأمرت صاحبي بالوجه إلى الدار، لترويق العقار، وتزويق العقار، ومشيت أنا والحبيب معا، والسعد قد أقبل نحوي وسعي، فوصلنا إلى المنزل وقت الغروب، وقد زال ما على القلب من الغم والكروب، فأضاه الأفق من سنا نوره، وسلب الليل لباس ديجوره:
فو اللهِ ما أدْرِي أأحلامُ نائمٍ ... ألَّمتْ بنا أم كان في الرّكب يُوشَعُ
فحيين رأيت المحبوب قد حصل، وخضاب الفراق قد نصل، بكيت بدمع أجراه الفرح والجذل، وأطلقه السرور فسح وهمل.
فقال: ما هذا
1 / 59