فَدَيْتُكَ لولا الحُبُّ كنتَ فَدَيْتَني ... ولكنْ بسِحْرِ الُمقلَتَيْن رَمَيْتَني
أتيتُكَ لَّما ضاقَ صدري من الهَوَى ... ولو كنتَ تدري حالتي لرَحِمْتَني
إيه، وكيف صبرك بعد فراقي؟ وكيف حالك بعد ركوبي وانطلاقي؟ وهل رزقت مناما هجرناه، أو عرفت قرارًا أنكرناه؟ وهذه الجملة والتفصيل، والاختصار أولى عندي من التطويل.
فإن أنكرت دعواي، فاستفت قلبك فهو عارف، أو استقللت دمعًا فشاهد دمعك الدافق الذارف، وهاأنا تحت أوامرك ونواهيكَ، فاحكم - فديتك - حكم المالك على المماليك، لكن؛ اصدقني، عل حلت عن مودتك الصافية، وتغيرت عن محبتك الوافرة الوافية؟ وهل رجعت عن محبتك الصادقة؟ وهل قامت السنة السلو إليك ناطقة.
فقلت وقد أزعجني بهذا الكلام، وذاد عن جفني لذيذ المنام:
لا والذي سَمَكَ السَّماء بأمره ... قَسَمًَا وتكفي هذه الأقسامُ
ما حلت عن ذاك الوداد وإنَّه ... بَاقٍ له عند الممات دوامُ
فقال: اتبع الحق في هذا المقام والمقال، ولا تكن ممن حال عن ذا الحال في
الحال، وقم بصبابات الهوى في، لترشف كؤوس الراح من في، ولا يصدنك عن ذاك هجر وصدود، واصعد للجو في الجوى لتنال السعود في الصعود.
فقلت: لا تتعب نفسك في الوصية بالغرام، فإنني قائم في الصبابة والهيام أتم قيام، فإن لم أقم بذلك، فلا حظيت ببرد ثناياكَ وطيب ثنائك، ولا فزت ببرد رضابك وحلو رضائك:
إنْ لم أقم بصبابات الهوى فيكا ... فلا ارتشفتُ كُؤُوس الَّراح من فيكا
1 / 55