والحمد لله العلي الرحيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إني ظننت أني ملاق حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية}(1).
الخطبة الأولى للجمعة الثانية من شهر ربيع الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بحكمته استقرت الأرضون، واستقلت السماوات، خلق خلقا لا يعلمه إلا هو، وأسكنه في الطبقات، فسبحانه وتعالى من ملك لما قال: كن، ذلت له الأرضون والسماوات.
نحمده على أن جعل لنا الأرض مسكنا ومدفنا، منها خلقنا، وفيها يعيدنا، ومنها يخرجنا، وخلق لها أوتاد تسكنها، وهي الجبال الراسيات.
ونشكره على أن قدر لعباده الموت يصل كل إلى جزاء ما اكتسبه، ويعطي كل ذي حق حقه، فيدخل الأبرار جنات تجري من تحتها الأنهار، فيها نعم لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطرت في المدركات.
ونشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، بعث علينا نبيا رؤفا رحيما، سيد ولد أدم، وأشرف المخلوقات، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الذي شهدت برسالته الأشجار، وسلمت عليه الأحجار، وأقر بفضله من في الأرض ومن في السماوات.
أما بعد:
إخواني وخلاني: ما هذه الغفلة؟ وما هذه النيام في هذه الدار؟ دار المحن والأكدار، دار لم يأت أحد فيها من باب إلا خرج من باب، دار لا يبقى فيها أحد بملكه، ولا يخلد فيها أحد بفضله انظروا إلى الأمور الفانيات.
पृष्ठ 41