وكقول الآخر:
وَكَمْ مَالِىءٍ عَيْنَيْهِ مِنْ شَيْءِ غَيْرهِ ... إِذَا رَاحَ١ نَحْوَ الْجَمْرَةِ الْبِيضُ كَالدُّمَى٢
ومنه مجموع، كقوله:
مِمَّنْ حَمَلْنَ بِهِ وَهُنَّ عَوَاقِدٌ ... حُبُكَ النِّطَاقِ فَشَبَّ غَيْرَ مُهَبَّلِ٣
[٥٢/ب]
١ في ب: لاح.
٢ هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة.
و(الجمرة): مجتمع الحصى بمنى. و(البيض) النِّساء. و(الدُّمى): صور الرُّخام؛ شبّه بها النّساء؛ لأنّ الصّانع لها لا يبقي غاية في تحسينها، وتلطيف شكلها، وتخطيطها؛ ويُراد مع ذلك السّكينة والوَقار.
والمعنى: كثيرٌ من النّاس يتطلّعون إلى النّساء الجميلات المشبهات للدّمى في بياضهنّ وحسنهنّ وقت ذهابهنّ إلى الجمرات بمنى، ولكنّ النّاظر إليهنّ لا يستفيد شيئًا. والشّاهد فيه: (مالِىءٍ عينيه) حيث عمل اسم الفاعل - وهو (مالىءٍ) - النّصب في المفعول به؛ بسبب الاعتماد على موصوف محذوف تقديره: شخص مالىءٍ.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب ١/١٦٥، وشرح أبيات سيبويه للنّحّاس ١٣٢، والجمل ٨٧، وتحصيل عين الذّهب ١٣٥، وابن النّاظم ٤٢٥، وابن عقيل ٢/١٠٢، والمقاصد النّحويّة ٣/٥٣١، والدّيوان ٤٥٩.
٣ هذا بيتٌ من الكامل، وهو لأبي كبير الهذليّ، من قصيدة يمدح بها تأبّط شرًّا، وكان زوج أمّه.
(ممّن حملن به) أي: هو ممّن حملت به النّساء. و(حُبُكَ النّطاق): أطرافه، جمع: حِباك. و(المهبّل) من أهبله اللّحم وهبّله: إذا كَثُرَ عليه ورَكَب بعضه بعضًا؛ ويقال هو: المعتوه الّذي لا يتماسك. =