واندفعت كالمحمومة إلى المطبخ وأعددت لهم الطعام، وجلست أتأملهم وهم يأكلون في لهفة، وأحسست بأمومتي تستيقظ فجأة، شعرت بلذة وسعادة لم أشعر بهما من قبل.
وألقيت جسدي المنهمك على الفراش وأنا أحس براحة واستقرار.
وقلت لنفسي: لا، إن أمومتي ليست امتدادا لحبي، وليست هي حبي لنتاج حبي، إنها ... حبي الحقيقي الوحيد.
الجانب الآخر
الدنيا ليل، ليل يونيو الدافئ الصافي، ونسمة القاهرة الرقيقة تدخل من نافذة العربة الطويلة، فتعبث بخصلات شعرها الأسود القصير، فيطير على وجهها وعينيها، ويحجب عنها الطريق الذي يجري سريعا تحت عجلات العربة، وترتفع أصابعها الطويلة الرفيعة من حين إلى حين تعيد خصلات الشعر إلى مكانها.
ونظرت حكمت إلى جوارها فرأته وهو جالس يمسك بعجلة القيادة وينظر إلى الأمام، ويبدو أنفه من الجانب مقوسا بعض الشيء، وعيناه غائرتان إلى حد ما. فشعرت بانقباض غريب؛ لقد رأته من قبل مرة أو مرتين ترى وجهه من الأمام، وكانت ملامحه توحي لها بالقوة والرجولة، عيناه عسليتان صافيتان تكشفان في صدق عن أغوار نفسه، وجبهته عريضة فيها سماحة ونبل، وشفتاه منفرجتان عن ابتسامة طيبة تعبر عن قلب إنسان كبير.
إن هذه أول مرة تنظر إليه فيها من الجانب.
ونظرت إلى وجهه من الجانب مرة أخرى؟ يا للغرابة! كأنها ملامح رجل آخر لا يمكن أن ترتاح إليه ولا يمكن أن تثق فيه. وكانت تود أن تقول له عد بي من حيث أتيت، ولكنها ظلت صامتة، وأخذت تنظر إلى الطريق وأصابعها تسوي خصلات شعرها الطائر.
ووصلا في النهاية، وأوقف العربة، ونزلا، وجلسا متقابلين تحت شجرة كبيرة، وسمعت صوته الرجالي القوي يقول: ماذا تشربين؟ - عصير ليمون.
وكانت أول مرة تخرج فيها معه؛ لماذا عرض عليها الخروج معه، مع أنه لم يرها إلا مرة أو مرتين؟ ولماذا استجابت لدعوته مع أنها رفضت دعوات الكثيرين؟
अज्ञात पृष्ठ