وأما أسفل الشريط الأوسط ففيه أشرطة كالتي في أعلاه.
169
وألوان هذه القطعة حية ورائعة ولا سيما الأحمر والأخضر، ولا شك في أن أسلوب زخرفتها متأثر بالزخارف الفاطمية؛ ولكنا لا نستطيع أن نعين تماما الإقليم الذي نسجت فيه، فهي في الواقع أول مثال نراه من نوعها ولا يمكننا أن نلحقها دون تردد بمجموعة من المجموعات المعروفة؛ إذ إنها تشبه كلا منها في شيء وتختلف في أشياء، على أننا نميل رغم ذلك كله إلى نسبتها إلى مصانع صقلية في القرن السادس الهجري (الثاني عشر) دون أن نستطيع أن ننفي إمكان نسبتها إلى الأندلس أو إلى مصر نفسها في العصر الأيوبي.
170
وليست صعوبة التحديد أمرا غريبا إذا تذكرنا أن زخرفة الأقمشة بالأشرطة والعصابات أمر ذاع في الشرق الإسلامي كله من الهند إلى الأندلس، كما أن تكرار الموضوعات الزخرفية مع مراعاة التناسب والتعادل لم يكن قاصرا على إقليم دون آخر. (4) الخزف
الخزف من أقدم المصنوعات التي عرفها الإنسان، وهو من أهم الأشياء التي يعثر عليها المنقبون عن الآثار، والتي يستنبطون منها درجة المدنية ونوع الحضارة التي بلغتها الشعوب المختلفة في شتى العصور.
171
والخزف في اللغة: ما عمل من الطين وشوي بالنار فصار فخارا. ولا حاجة بنا إلى أن نذكر هنا تطور صناعته، وكيف كان الإنسان يصنعه في أول الأمر عاريا عن الزينة، أو مزخرفا ببعض الرسوم الهندسية أو رسوم الحيوانات والطيور بطريقة أولية وتقليدية تشعر بأن الإنسان الذي كان يعيش وسط الطبيعة لم يكن يحسن محاكاتها بعد، ثم اهتدى إلى مواد زجاجية يصنع بها طلاء ليسد مسام الفخار، ويكسبه نظافة وجمالا، ثم عمد إلى تزيينه بالرسوم المختلفة قبل أن يكسوه بالمينا، وهي المادة الزجاجية التي تجمد في الفرن فتكسب الخزف صقلا ولمعانا.
وقد كانت صناعة الخزف زاهرة في أكثر البلاد التي أخضعها الإسلام لسلطانه،
172
अज्ञात पृष्ठ