खिताब व तघैयुर इज्तिमाई
الخطاب والتغير الاجتماعي
शैलियों
ويشير جارتون ومونتجومري وتولسون (1988م) أيضا إلى القوة الأيديولوجية ل «السيناريو» في تغطية قضية الدفاع في انتخابات عام 1987م، وهم يستخدمون مصطلح «نص التمثيل» الموازي عند غيرهم لمصطلح «القصة»، في الدلالة على السيناريوهات النمطية وسلاسل الأحداث المرتبطة بها، وهي التي تمثل جانبا من «المنطق السليم» ذي الجذور العميقة في ثقافة من الثقافات، والكثير من السيناريوهات تستند إلى قاعدة استعارية، إذ يناقش شيلتون (1988م، 64) على سبيل المثال كتيبا أصدرته وزارة الدفاع البريطانية لإقناع الناس بضرورة زيادة الأسلحة النووية البريطانية: (11) كيف تتعامل مع بلطجي
السلام من خلال الردع: الإجابة الوحيدة على تهديد البلطجي
اضطر العديد منا للتصدي إلى أحد البلطجية في مرحلة ما من مراحل حياتنا، والإجابة الوحيدة أن تقول له «ابتعد عني وإلا سوف تأسف»، وأن تملك القوة القادرة على إثبات صحة كلامك.
وهنا نجد أن ما يسميه شيلتون سيناريو البلطجة (بمعنى أن «البلطجي دائما ما يهاجم من هم أضعف منه، ولذلك فالطريقة الوحيدة لتجنب مهاجمتك هي أن تبدو قويا») يستخدم للتعبير الاستعاري عن العلاقات الدولية في صورة علاقات بين الأفراد، والنمط الأولى للبلطجة بالمعنى المقصود هو ما يسود بين تلاميذ المدارس (حيث يفرض الأضخم حجما سيطرته على من هم أضعف منه). ويبين جارتون ومونتجومري وتولسون (1988م) أن هذا السيناريو وغيره يمثل الطرائق التي استخدمتها أجهزة الإعلام في تحويل أحد التصريحات الرئيسية التي أدلى بها نيل كينوك، زعيم حزب العمال، إلى (استعارة حربية) وبناء هذه الاستعارة إعلاميا.
وطرائق التصوير المجازي للأحداث التي تخل بالتوازن الاجتماعي النسبي (مثل الحروب والأوبئة والكوارث البيئية غيرها) في أجهزة الإعلام وفي غيرها تعيننا على أن ننظر نظرة ثاقبة في قيم إحدى الثقافات ومشاغلها، فعلى سبيل المثال بحثت سونتاج (1988م) الصور المجازية لمرض الإيدز (نقص المناعة المكتسب). وهي تقول: إن الصورة المجازية الرئيسية للمرض هي صورة «الطاعون»، فالإيدز مثل الطاعون مصدره أجنبي، ويرتبط في أصوله بالأجانب، إذ يعتبر أنه نبع في أفريقيا، وتحيطه هالة عنصرية الروابط النمطية بين السود وبين «الطابع الحيواني والانحلال الجنسي». وترتبط استعارة الطاعون أيضا باستعارة حربية: فمرض الإيدز يمثل غزوا وهو غزو، بمزيد من التحديد، قام به العالم الثالث لأوروبا وأمريكا، وتفسير الإيدز يشبه تفسير الطاعون في كونه يمثل «حكما على أحد المجتمعات» بسبب التسيب الأخلاقي، وتضيف قائلة: إن البعض يستخدم مرض الإيدز بصورة سياسية ، وأسلوب ينم عن كراهية الميول الجنسية المثلية، بقصد قهر «مجتمع الإباحة»، ولكن هذه الاستعارة تتسم بجوانب متناقضة وإشكالية، إذ لا يتمتع أحد بالحصانة من الطاعون أو الإيدز، ومع ذلك فإن هذا التعميم يعرض للخطر البناء الأيديولوجي المهم للإيدز باعتباره مرض «الآخر»، بمعنى أن مرضهم يشكل تهديدا لنا «نحن».
الخاتمة
بهذا أختتم مناقشة الخصائص التحليلية للنصوص التي شغلت الفصلين الخامس والسادس. وسوف أضم الموضوعات التي ناقشتها بعضها إلى بعض في الفصل الثامن بصورة مختصرة باعتبارها جزءا من الخطوط الإرشادية اللازمة لتحليل الخطاب، ومن المناسب أن أذكر القراء هنا بالإطار الثلاثي الأبعاد لتحليل الخطاب الذي قدمته في الفصل الثالث، والأبعاد هي: تحليل الخطاب باعتباره نصا، وباعتباره ممارسة خطابية، وباعتباره ممارسة اجتماعية، حتى أؤكد أن تحليل النص ليس مما ينبغي عزله عن سواه. فمن اليسير أن ينغمس المرء انغماسا شديدا في تعقيدات النصوص إلى الحد الذي يجعله يرى أن تحليل النص غاية حميدة في ذاتها. ولا شك في وجود بعض أشكال تحليل الخطاب التي تنحو هذا المنحى، مثل الأشكال التي كان يعنيها بورديو عندما وصف تحليل الخطاب بأنه «انتكس فاتخذ أشكالا للتحليل الداخلي التي يتعذر الدفاع عنها» (1988م، 17)، فعلى العكس من ذلك أريد أن أؤكد أن التحليل لا يمكن أن يتكون فحسب من وصف النصوص بمعزل عن تفسيرها (وقد سبق لي أن ميزت بين هذه المصطلحات عاليه)، وهكذا فإنني دأبت على تفسير النصوص الموصوفة في هذا الفصل والفصل السابق. وللتفسير ضرورة على مستويين: أحدهما محاولة تفهم معالم أحد النصوص باعتبارها عناصر في ممارسة خطابية، وخصوصا باعتبارها «آثارا» لعمليات إنتاج النصوص (بما في ذلك الجمع بين العناصر والأعراف غير المتجانسة الخاصة بالتناص والتداخل الخطابي) وباعتبارها أيضا «مفاتيح» في عمليات تفسير النصوص. ويتشابه هنا وصفي لما يفعله المحلل، ووصفي في الفصل الثالث لما يفعله مفسرو النصوص، إذ إن المحللين يحتاجون أيضا إلى الموارد التي يتمتعون بها باعتبارهم أفرادا ذوي كفاءة في مجتمعاتهم، حتى ولو استخدموا هذه الموارد بانتظام أكبر، وأما المستوى الآخر للتفسير فهو محاولة فهم معالم أحد النصوص وتفسير المرء لكيفية إنتاجها وتفسيرها، من خلال اعتبارها جوانب دفينة في ممارسة اجتماعية أوسع نطاقا. وكنت في عمل سابق لي قد ميزت بين هذين المستويين للتفسير بالإشارة إلى الأول بمصطلح «التفسير» فقط، وإلى المستوى الثاني بمصطلح «الشرح» (فيركلف، 1989م، أ، 140-141).
ليس الوصف منفصلا عن التفسير على نحو ما يفترض في حالات كثيرة، فالمرء باعتباره محللا (وباعتباره مفسرا عاديا للنصوص) يقوم بالتفسير حتما طول الوقت، ولا توجد مرحلة من مراحل التحليل تعتبر وصفا محضا. ومن ثم فإن تحليل المرء لنص من النصوص يتشكل ويتلون بتفسيره لعلاقته بالعمليات الخطابية والعمليات الاجتماعية الأوسع نطاقا، بل إن نسخ نص منطوق يتضمن حتما التركيز على تفسير له (انظر الحديث عن النسخ في الفصل الأخير) واختيار المرء ما يصفه يعتمد على ما انتهى إليه من قبل من تفسير، وبالإضافة إلى ذلك فإن ما أسميه المعالم التحليلية للنص تتسم في حالات كثيرة بامتزاج شديد بينها وبين التفسير، فعلى سبيل المثال سوف تجد أن أنساق التلازم اللفظي في النصوص التي حللتها في إطار تحليل التماسك النصي ليست أنساقا موجودة وجودا موضوعيا في النص، بل هي، إن صح هذا التعبير، أنساق «وضعت» في النص نتيجة تفسير المرء له. وهكذا فإن الأمر لا يقتصر على أن الوصف والتفسير يلزم كل منهما للآخر، بل إنهما أيضا يمتزجان ويختلط أحدهما بالآخر.
ويتشابه المحلل والمشارك في جوانب أخرى، فالتحليل يؤدي إلى إنتاج نصوص يجرى توزيعها واستهلاكها اجتماعيا مثل غيرها من النصوص، وخطاب التحليل - مثل أي خطاب آخر - يمثل شكلا من أشكال الممارسة الاجتماعية: فله علاقة جدلية بالأبنية الاجتماعية، وله موقعه الذي تحدده علاقته بالصراع الاجتماعي، وهو يقبل الاصطباغ بصبغة أيديولوجية وسياسية، فالمحللون ليسوا فوق الممارسة الاجتماعية التي يحللونها بل إنهم في داخلها. ومن ثم فللمرء أن يتوقع أن يتسموا بأقصى قدر ممكن من الوعي الذاتي إزاء الموارد التي ينهلون منها في تفسير الخطاب، وإزاء طبيعة الممارسة الاجتماعية للتحليل نفسه، أي بالأبنية التي تتحكم فيها، وتوجهها إلى مواقع الصراع، ونتائج هذا التوجه وآثاره في ضروب الصراع والأبنية.
الفصل السابع
अज्ञात पृष्ठ