खिताब व तघैयुर इज्तिमाई
الخطاب والتغير الاجتماعي
शैलियों
وكثيرا ما تكون الاختيارات المميزة للثيمة طريفة فيما تكشف عنه، لا بشأن الافتراضات القائمة على المنطق السليم فقط ولكن أيضا بشأن الاستراتيجيات البلاغية. فالجملة الثانية من المقتطف السابق من كتاب الطفل تبدأ بعبارة تقول «ومن المحتوم، إذن، أن تتطلب ...» تعتبر مثالا على هذا، فكلمتا «المحتوم» و«إذن» من الكلمات الرابطة (كويرك وآخرون 1972م، 420-506)، وتؤدي وظيفتها باعتبارها ثيمات مميزة. وتحويل بعض العناصر إلى ثيمات مميزة من أساليب تصديرها أي وضعها في موقع الصدارة، وهو هنا عقلانية الرعاية السابقة للوضع؛ وهذا، كما بينت في القسم الأخير، من شواغل منتجي النص، وهو يضفي المعنى على التماسك في المقتطف. ولدينا حالة تختلف اختلافا طفيفا، وهي الجملة الثانية من القسم الفرعي الذي يحمل عنوان «الزيارة الأولى»، فالثيمة هنا «في بعض الأحيان»، وتصديرها يوضح الانشغال الرئيسي في الرعاية السابقة للوضع باستباق المخاوف وتبديدها، وكثيرا ما يوحي ذلك بنبرة تعال معينة.
وتلخيصا لما سبق أقول: إنه من المفيد دائما الاهتمام بما يبدأ الكاتب به عباراته وجمله، لأن من شأن ذلك أن يبصرنا بالافتراضات والاستراتيجيات التي يصعب التصريح بها في أي موقع.
وأختتم هذا القسم بتحليل لعينة قصيرة تبين كيف يتفاعل اختيار أنماط العمليات، والتعبير الاسمي، والثيمات في النصوص. والمثال التالي مقتطف من إعلان عن ندوة حول الطاقة النووية في بريطانيا: (6) هل نستطيع فعلا تلبية احتياجاتنا من الطاقة دون اللجوء إلى الطاقة النووية؟
تضاعف استهلاك الطاقة على مستوى العالم كله نحو عشرين ضعفا منذ عام 1850م. وأمامنا رأي يقول إن الطلب على الطاقة في البلدان الصناعية قد يتضاعف ثلاثة أضعاف في الأعوام الثلاثين المقبلة. (صحيفة
الجارديان ، 14 أغسطس 1990م)
من الممكن اعتبار الجملة الأولى (العنوان) استعارة نحوية؛ فهي متعدية، وتبدو في صورة عبارة فعل موجه (فالضمير المستتر «نحن» هو الفاعل، و«احتياجاتنا من الطاقة» هدف)، ولكنها يمكن أن تعتبر إعادة صياغة استعارية لجملة مثل «هل نستطيع فعلا إنتاج المقدار الذي نريد استخدامه من الطاقة من دون اللجوء إلى الطاقة النووية؟» أي إن الصيغة الاستعارية تتضمن تعبيرا اسميا («احتياجاتنا من الطاقة») بصفته هدفا، وهو يعامل باعتباره مقولة يمكننا صوغها صياغة مختلفة (كالقول «بأننا سوف نواصل طلب المزيد من الطاقة») أي باعتبارها كيانا سبق افتراضه. وإذا كانت هذه المقولة تقبل المناقشة، فالافتراض المسبق لا يقبل ذلك. وفي الجملتين التاليتين أمور مماثلة، غير أن الكيانين المفترضين سلفا هنا في موقع الثيمة أيضا («استهلاك الطاقة على مستوى العالم كله»، و«الطلب على الطاقة في البلدان الصناعية»، والجملة الاسمية الأخيرة هي ثيمة العبارة الثانوية التي يسبقها الحرف «إن») وهو ما يدعم موقعهما باعتبارهما «معلومات مسلما بها»، أو معلومات يمكن اعتبارها كذلك. وهكذا فإن الاستعارة النحوية القائمة في التعبير الاسمي تتآمر مع الثيمة، إن صح هذا التعبير، على الزج بقضية معينة في الخلفية، وهي إن كنا في الواقع نحتاج إلى هذا الكم الكبير من الطاقة. (7) معاني الألفاظ
يواجه المرء، سواء كان منتجا أو مفسرا للنصوص اللغوية، وفي جميع الحالات، ما يسميه ريموند ويليامز «عناقيد» ألفاظ ومعان (ويليامز، 1976م، 19) لا ألفاظا أو معاني مفردة، وإن كان من المفيد أحيانا أن يركز المرء على كلمة مفردة لأغراض التحليل، على نحو ما أفعل أدناه. وتتميز العلاقة بين الألفاظ والمعاني بأنها ليست علاقة المفرد بالمفرد بل علاقة المفرد بالجمع والجمع بالمفرد، فاللفظ المفرد له في العادة معان متعددة، وكل معنى يصاغ عادة صياغات متنوعة (وإن يكن القول بهذا مضلل إلى حد ما؛ لأن اختلاف الصياغة يؤدي إلى اختلاف المعنى: وانظر القسم التالي)، ويعني هذا أننا حين ننتج نصا ما نواجه دائما مشكلة خيارات تتعلق بكيفية استخدام لفظ ما وكيفية صوغ أحد المعاني، وحين نفسر نصا ما نواجه دائما قرارات تتعلق بكيفية تفسير الخيارات التي انتهى إليها منتجو النص (أي البت في القيم التي نمنحها لها). وليست هذه الخيارات والقرارات ذات طبيعة فردية محضة: إذ إن معاني الألفاظ وصياغة المعاني من المسائل الخاضعة للتغير الاجتماعي والمنازعات الاجتماعية، وهي ظواهر لعمليات اجتماعية وثقافية أوسع نطاقا.
سوف أبدأ بالتركيز هنا على معاني الألفاظ لا على صياغة المعاني، ثم تنعكس الآية في القسمين التاليين، فلقد سبق أن أشار ويليامز إلى وجود «كلمات أساسية» معينة، تتميز ببروزها ثقافيا وتستحق التركيز عليها في البحث الاجتماعي، وسوف أناقش مثالا شائعا هو كلمة «المبادرة الفردية»، وسوف أستخدم «المعنى الكامن» في المصطلح للدلالة على نطاق المعاني المرتبطة تقليديا بالكلمة، وهي التي يحاول المعجم تمثيلها. فالمعاجم تنظم مداخل الكلمات بطرائق تدل ضمنا على النظرة التالية للمعنى الكامن: (1) إن المعنى الكامن ثابت؛ و(2) إن المعنى الكامن عام شائع، بمعنى أنه مشترك بين جميع أفراد جماعة لغوية معينة؛ و(3) إن المعاني القائمة في داخل المعنى الكامن لأحد الألفاظ معان منفصلة، بمعنى أنها يمكن تمييزها بوضوح عن بعضها البعض، و(4) إن المعاني القائمة داخل المعنى الكامن لكلمة معينة تتصف بعلاقة تكاملية تقول: «إما هذا المعنى أو ذاك»، أي إنها معان لا تجتمع معا.
وإذا كانت الخصائص الأربع المذكورة تحقق نجاحا لا بأس به في بعض الحالات، فإنها يمكن أن تكون مضللة إلى حد بعيد في حالات أخرى، خصوصا عند اشتباك الألفاظ والمعاني في عمليات تنازع وتغيير اجتماعي أو ثقافي، ففي أمثال هذه الحالات قد تتغير العلاقة بين اللفظ والمعنى بسرعة، إلى الحد الذي يؤدي إلى زعزعة ثبات المعاني الكامنة، وقد يؤدي هذا إلى الصراع بين المعاني والمعاني الكامنة التي تتضارب نسبتها إلى ألفاظ معينة (ويقول بيشوه، فيما اقتطفناه من كلامه عاليه: إن الاختلاف الدلالي مظهر من مظاهر الصراع الأيديولوجي وعامل من عوامله). أضف إلى هذا أن تغير المعنى والتنازع حوله يؤديان إلى بعض التغييرات في قوة الحدود القائمة بين المعاني الموجودة داخل المعنى الكامن لكلمة ما ووضوحها، بل إن التنازع قد يدور حول أمثال هذه الحدود. وقد يدور أيضا حول طبيعة العلاقة بين المعاني الموجودة داخل المعنى الكامن لأحد الألفاظ، أي حول ما إذا كانت العلاقة تكاملية في الواقع أو مراتبية، فإن كانت مراتبية فإنها تدور حول علاقات محددة بين المعاني تدل على هيمنة البعض، وعلى أن البعض الآخر يشغل مكانة ثانوية، ولسوف أضرب أمثلة توضح بعض هذه الإمكانيات فيما يلي.
أما الأدلة على هذه النماذج البديلة للمعنى الكامن فمصدرها النصوص، والنموذج المعجمي يتفق مع النصوص التي تنتج وتفسر من خلال التوجه المعياري إلى المعنى الكامن، إذ يعامله هذا التوجه بصفته شفرة يتبعها أو يختار ما يختاره من داخلها. وقد نجد أمثلة صالحة في البحوث أو المقالات التي يكتبها التلاميذ أو الطلاب في العلوم الطبيعية. وأما النموذج الذي أطرحه فيجد المساندة في النصوص ذوات التوجه الإبداعي للمعنى الكامن، إذ تعامله باعتباره موردا متغيرا ويمكن استغلاله كالمثال الذي أسوقه أدناه، فالنصوص الإبداعية تتميز بحالات غموض والتباس في المعنى، وبالتلاعب البلاغي بإمكانيات المعنى الكامنة للألفاظ. والنصوص الإبداعية تستخدم بالضرورة إمكانات المعنى الكامنة موردا لها، ولكنها تسهم في تفكيكها وإعادة هيكلتها، بما في ذلك إعادة ترسيم الحدود والعلاقات ما بين المعاني.
अज्ञात पृष्ठ