ख्याल के विचार
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
शैलियों
(1) فن الإلقاء
فن الإلقاء فن جليل عني به الغربيون وأهمله الشرقيون جهلا بجزيل فائدته، ولو علموا أنه يمنح القول تأثيرا عظيما ويأسر النفوس ويتملك القلوب، ويفعل ما لا يفعله السحر فيثير العواطف الهاجعة ويهيج العزائم الخامدة ويلين القلوب الجامدة لما طرحوه وراء ظهورهم وأهملوه في زوايا النسيان، كم من محام جمع في دفاعه بين بليغ القول ودافع الحجج ومفحم البراهين، ولكن خانه الإلقاء فحذر حواس القضاة بإلقائه ذي النغمة الواحدة حتى خسر دعواه.
وكم من ممثل أسأم الحضور بإلقائه وجلب إليهم النعاس، وارفضوا قبل انتهاء التمثيل، نسمع أغلب خطباء المساجد يلقون خطب فقيد الوعظ والإرشاد والإلقاء، وهي كما علمنا أرقى وأبلغ ما سمعناه فوق المنابر، ولكننا نرى نصف المصلين نياما والباقين يتثاءبون مع أن الفقيد كان يبكي العامة قبل الخاصة بما أوتي من حسن الإلقاء وفصاحة اللسان وبلاغة الإنشاء، وقصارى القول أننا لا يتسنى لنا أن نجيد الإلقاء دون الشروط الآتية: (1)
حسن النطق ولا سبيل إليه إلا بدراسة علم تجويد القرآن؛ إذ به تعرف مخارج الأصوات ومقادير الحروف والمد والقصر والإدغام والإظهار الشفوي، والأحوال التي ترقق أو تفخم فيها الحروف وغير ذلك، ولا بد من الاستعانة بقارئ ماهر من قراء القرآن الذين أتقنوا دراسة التجويد. (2)
إتقان اللغة العربية حتى يفهم القارئ ما يلقيه ويتأثر من المعاني ليشرك معه شعوره وعواطفه وقت الإلقاء. (3)
معرفة فن الموسيقى أو على الأقل تعويد الأذن على فهم الموسيقى ليكون قادرا على تنويع نغمات الإلقاء حسب مقتضيات الحالات النفسية. (4)
الإشارات والوقفة وتغيير السحنة وهي من ضروريات الإلقاء التمثيلي؛ إذ هي التي تساعد على تمثيل العواطف، ولولاها لأصبح الممثل كتمثال من نحاس تمجه النواظر وتنفر منه النفوس. (5)
رقة الشعور وتعد من أعظم العوامل في إتقان الإلقاء ليكون الإنسان متأثرا مما يلقيه فتتغير النغمات بدون تكلف وتتنوع إشاراته وسحنته من حيث لا يدري، ويصدر منه الإلقاء والإشارات وحركات السحنة بشكل طبيعي صادق خال من التصنع، وبذلك يكون أشد تأثيرا وأعظم وقعا. (6)
يحسن لمن أراد أن يبلغ غاية عظيمة في الإلقاء لا سيما التمثيلي أن يضرب بسهم وافر في علم البسيكولوجيا ليدرس أحوال النفس دراسة تؤهله لفهم عواطفها وشعورها؛ ليستطيع أن يزيد إلقاءه وضوحا وتعبيره تأثيرا.
وإن أنعمنا النظر في هذه الشروط وجدنا الثالث ألزمها وأعظمها نفعا وأصعبها نيلا؛ لأن معظم التأثير ناشئ من نغمات الإلقاء، ولا ريب أن الموسيقى قوة عظيمة فتانة ساحرة بل هي فن يعبر به الإنسان عن وجدانه وشعوره بأنغام أفصح من النطق وأبلغ من البيان وأقرب منهما تناولا للأذهان، ولا يكفي لطالب الإلقاء أن يدرس «السولفيج» وحده بل يلزمه أن يتعلم التعبير الموسيقي وكيف يعبر الموسيقي.
अज्ञात पृष्ठ