261

ख्याल के विचार

خواطر الخيال وإملاء الوجدان

शैलियों

تنحصر مؤلفات دوبوسي في القطع الصغيرة ولم يلحن إلا أوبيرا واحدة وهي «بيلياس وميليزاند»، وإني أسرد للقراء نقد «أرتوربوجان» لهذه الأوبيرا، وهو كاتب عظيم وأكبر نقاد موسيقي في هذا العصر، وقد توفي منذ بضع سنين وله مؤلفات عديدة يرجع إليها في تاريخ الموسيقى ونقدها، وهو الذي ينتدب لتحرير القسم الموسيقي لملحقات المعاجم ودوائر المعارف مثل: قاموس لاروس (ثمانية مجلدات)، وقاموس الأوبيرات، ومعجم فييس الموسيقي وغيرها، وقد مثلت هذه الأوبيرا لأول مرة بمسرح الأوبيرا كوميك بباريس في 30 أبريل سنة 1902، وهي مستنبطة من رواية الكاتب الشهير مترلنك.

إن كلود دوبوسي وهو من الحائزين لجائزة رومة 1884 يعد من الموسيقيين الذين لا تفهم موسيقاهم، وقد اعتبرته فئة من زملائه الذين هم على شاكلته رئيس مذهب جديد، وقد وضع ألحان هذه الأوبرا كما يشاء ويهوى حسبما يفهم الموسيقى التمثيلية، ولسوء حظه قد فاته الوقت وهو متأخر ككثير من زملائه الشبان، ولقد ظنوا جميعا أنهم سبقوا زمنهم وما شعروا أن الزمن يسير ويتقدم وهم متأخرون منقطعون.

ولقد سئم الجمهور سماع موسيقاهم وما هي من الموسيقى بشيء، وملت آذانهم هذا الإلقاء الثقيل المستمر على نمط واحد ووتيرة واحدة، وهي مجردة من الهواء والضوء ولا يجد فيها السامع قطعة من الغناء الحقيقي، ويلاحظ السامع أن الوزن والغناء ولون الأنغام وهي دعائم الموسيقى قد جهلها دوبوسي واحتقرها بمحض إرادته.

إن موسيقى هذا العالم مبهمة غامضة لا لون لها ولا حد، واهية القوى يتعمد واضعها الهرب من الوضوح والدقة والتصوير الموسيقي والوزن، حتى إن الآلات الموسيقية تستمر في موسيقاها على وتيرة واحدة دون صفة أو خبرة بأنغام لا تنفك ترددها الآلات الهوائية مثل: الكور والكلارينت والباسون دون أن يسمع بينها الصوت الرخيم الرنان للكمان بنغمة ضعيفة مخدرة للحواس، وخلاصة القول إن موسيقاه منومة كثيرة الخطأ والزلل. (3-1) مسرح فاجنر وضريحه

إتماما للفائدة نسرد كلمة موجزة عن هذا المسرح الذي بناه فاجنر في مدينة بيروت خصيصا لتمثيل مؤلفاته، وهو يسع 1500 مشاهد، وخال من النقوش والزخرفة؛ لئلا تلهي الحاضرين، والأوركستر غير منظور، وقد افتتح في 3 أغسطس سنة 1816 حيث مثلت فيه حلقة نيبيلونج، وهو يبعد عن مدينة بيروت بعشرين دقيقة، ومنظره الخارجي خال من الجمال الفني.

يقام في هذه المسرح احتفال فخم كل ثلاث سنين تمثل فيه مؤلفات فاجنر ويشترك في تمثيلها وغنائها أشهر مشاهير الفنيين في ألمانيا، ويهرع إليه الناس من كل فج عميق حتى من أمريكا، ويلزم أن تقدم طلبات المقاعد والمساكن إلى لجنة تنظيم الاحتفال قبل الموسم بمدة طويلة حتى يضمن المشاهد له محلا ومسكنا يأوي إليه مدة الموسم، ومحظور على المشاهدين التصفيق أو التكلم أو الاستحسان لا بالإشارة ولا بالقول، وتوجد فيلا فاجنر في حديقة عظيمة في نهاية الشارع المسمى باسمه، وهي مبنية على طراز روماني، وبأعلى باب الدخول صورة رمزية تمثل روتان مع غرابيه تحيط به التراجيدي والموسيقى، وبجانبهما سيجفريد الشاب، وقد كتب تحت هذه الصورة: هنا وجد خيالي الراحة والسكينة ويلزمني أن أسمي هذا البيت «راحة الخيال».

وفي هذه الحديقة وفي النقطة التي اختارها لرقدته الأخيرة على مقربة من الذين تفانوا في حبه وأخلصوا له ولم يعيشوا إلا ليمجدوا ويخلدوا أعماله العظيمة.

ولقد أوصى فاجنر أن لا يقيموا له ضريحا فخما على لحده ولا يكتبوا عليه شيئا وهو في هجعته الأخيرة راقد تحت حجر بسيط، ولقد دفن على مقربة منه كلبه الحارس الأمين «روس».

إن الآلاف الذين يحجون إلى بيروت ليذهبون لزيارة قبره، ويقفون خاشعين صامتين أمام المجد والفخار والجلال الذي يحف هذا الضريح، ثم ينصرفون بكل احترام وخشوع وقلوبهم تفيض بأجل الذكرى والاحترام.

متفرقات

अज्ञात पृष्ठ