96

ज्ञान का नक्शा

خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن

शैलियों

مما قاد المؤرخين إلى التكهن بأن راتدولت كان قد عمل لحساب عالم الفلك ريخيومونتانو في نورنبرج وحصل على المخطوط منه هو مباشرة. كان ريخيومونتانو قد عاد إلى ألمانيا في عام 1467، وبعد أربع سنوات، قرر أن يطبع بنفسه فهرسه الكامل للنصوص الرياضية، بهدف تأسيس معايير علمية واتساق. بعد أن حصل على دعم من تاجر ثري في نورنبرج، أسس مؤسسة أبحاث مستقلة تضم مكتبتها الخاصة ومطبعتها ومرصدها وورشتها الخاصة لإنتاج الأدوات. وشكل هذا نقطة تحول في دور العالم في أوروبا الغربية. فلم يعد ريخيومونتانو باحثا متجولا، يعتمد على رعاية النبلاء ورجال الكنيسة، بل صار الآن مستقلا استقلالا كاملا، وكان في طليعة مجموعة من الطابعين الفلكيين الذين سوف يسيطرون على هذا الفرع من العلم لسنوات تالية. وكان أول كتاب نشره هو كتاب جورج بيورباخ «نظريات جديدة للكواكب»؛ تكريما لموجهه ومعلمه.

في عام 1474، توسع ريخيومونتانو في برنامجه للنشر إلى سبعة وأربعين عملا، يشمل، إلى جانب كتب أخرى، كتاب «المجسطي»، وأطروحة «العناصر» وأعمالا أخرى لبطليموس وإقليدس، وكل ما هو متاح من أعمال أرشميدس، وكتاب أبولونيوس «المخروطات» ونصوصا أخرى من مجموعتي «علم الفلك الصغير» و«المجموعة الوسطى»، إضافة إلى بعض أعماله، مثل كتاب «الملخص». بعبارة أخرى، كامل مجموعة كتب الرياضيات والفلك. وبدأ أيضا في نشر تقاويم فلكية سنوية (كتب الجداول الفلكية، «الزيج») مدرج فيها مواضع النجوم والكواكب، إلى جانب معلومات أخرى عن الأجرام السماوية، لكل يوم من السنة، وظلت تصدر باستمرار منذئذ، وتستخدم في الملاحة والتنجيم ودراسة الفلك. في وقتنا هذا، تصدر ناسا هذه البيانات، باستخدام برمجيات مصممة خصوصا، وتستخدم بصورة أساسية في ملاحة المركبات الفضائية.

كان من شأن مشروع طموح كهذا أن يتطلب قدرا كبيرا من القوى العاملة. صحيح أننا لا نستطيع الجزم بالأمر، ولكن يبدو أن راتدولت كان واحدا من الشباب الذي عينهم ريخيومونتانو لمعاونته في الطباعة. في تلك المرحلة، لم يكن أناس كثيرون قد أتقنوا هذه التقنية الجديدة، ونعرف من مسار راتدولت المهني اللاحق في النشر أنه كان شغوفا بالفلك والرياضيات، وهو ما من شأنه أن يجعله مرشحا مثاليا لمشروع ريخيومونتانو. وبافتراض أنهما عملا معا، فمن المرجح أيضا أن يكون ريخيومونتانو قد أخبر راتدولت بشأن عجائب إيطاليا ونصحه بفينيسيا بصفتها مكانا جيدا لتأسيس مطبعة، والأهم من كل ذلك أنه يفسر السبب وراء كون أول كتاب طبعه راتدولت في فينيسيا كان كتاب «التقويم»، ربما استنادا إلى مخطوطة جلبها معه من نورنبرج.

شكل 8-4: الصفحة الأولى من إصدار راتدولت المطبوع سنة 1582 لأطروحة «العناصر» يبين الأشكال الهندسية وأسماءها.

كان كتاب «التقويم» هو الكتاب الأول من بين كتب كثيرة أنتجها راتدولت في الفلك والرياضيات؛ ففي عام 1482 نشر أول إصدار مطبوع من أطروحة «العناصر»، استنادا إلى نسخة أديلار/كامبانوس، تلك العلامة الفارقة في تاريخ عمل إقليدس العظيم والتي تميز نهاية رحلته الطويلة، من كونه مجرد لفيفة هشة قابعة في الإسكندرية القديمة إلى كتاب مطبوع في فينيسيا في عصر النهضة، وتشكل أيضا لحظة مهمة في تاريخ الرياضيات، وتاريخ الطباعة؛ فبفضل مهارة راتدولت الإبداعية، كانت هذه هي المرة الأولى التي تطبع فيها أشكال بيانية في نص. وقد أنتج نسختين للعرض الخاص، وطبعهما على الرق، مع خطاب إهداء إلى الدوق بحبر ذهبي. في الخطاب، أوضح أنه لم يفهم السبب في أن كتابا مبدعا ومؤثرا كهذا لم يكن قد طبع قبل ذلك، حتى أدرك كم كانت مهمة عمل الرسوم البيانية تمثل تحديا صعبا. حل راتدولت هذه المشكلة بأن صنع 420 قالبا خشبيا منفصلا، وطبع فيها هوامش الكتاب الواسعة جدا والمصممة تصميما خاصا، محافظا على الحد المزخرف في صفحة العنوان والأحرف الأولى الكبيرة في بداية كل فصل التي ازدانت بها نسخة المخطوطة. لم يكن قد ظهر بعد الأسلوب التصميمي الخاص بالكتب المطبوعة وكانت لا تزال تصمم لتشبه المخطوطات قدر الإمكان. يقف إصدار راتدولت من أطروحة «العناصر» جنبا إلى جنب مع النسخ المبتكرة الأخرى من الكتاب وهي: قطع البردي التي عثر عليها في أوكسيرينخوس والنسخة البارزة التي اشتراها الأسقف أريثاس في عام 888. إنه عمل يخلد ذكرى الطباعة الفينيسية، وذكرى نقل المعرفة الرياضية، وذكرى إرهارد راتدولت .

أعيد نشر أطروحة «العناصر» وطبعه مرات عديدة في العقود القليلة التالية؛ ففي عام 1505، طبعت في فينيسيا ترجمة لاتينية جديدة مستندة إلى مخطوطة يونانية، وبعد ثلاثة أعوام، عاد باتشولي إلى المدينة ليعد للطبع ترجمة لاتينية جديدة للنص، كانت تستند إلى تقليد أديلار/كامبانوس، ولكن مع تعديلات وتصحيحات، وفي عام 1533، نشرت أول طبعة باليونانية، وبعد عقد من الزمن ظهرت باللغة الإيطالية؛ وتبعتها طبعات باللغات المحلية الأوروبية بعد أعوام قليلة. أصبح راتدولت واحدا من أنجح طابعي فينيسيا وأكثرهم احتراما؛ ففي عام 1485، نشر أحد عشر كتابا واعتمد على إنجازه الرائد في طباعة الأشكال والرسوم البيانية، فاخترع طريقة مكنته من استخدام ثلاثة أحبار ملونة مختلفة معا في الصفحة نفسها، واستعرض تقنيته الجديدة في مجموعة من النصوص الفلكية، التي توضح بطريقة جميلة وصفا لخسوف القمر مع شكل بياني يبين كل مرحلة من مراحل تطور حالة خسوف. كان راتدولت أيضا مسئولا عن أول صفحة عنوان «حديثة»، وعن استخدام الأعداد العربية لتأريخ كتبه وعن إصدار ورق نموذج طرازي وقوائم بالأخطاء المطبعية. لا بد أن أخبار نجاحات راتدولت وصلت إلى مدينة أوجسبورج، مسقط رأسه؛ لأن الأسقف كتب إليه يطلب منه أن يعود وأن يضع خبرته في خدمة مواطنيه؛ لذا حزم راتدولت أحرف طباعته وقوالبه الخشبية، وأخذ معه زوجته وأطفاله، وعاد إلى أوجسبورج، حيث أمضى بقية حياته المهنية يطبع غالبا الكتب الدينية. طوى النسيان راتدولت إلى حد كبير، ولم يوف حقه من التقدير لابتكاراته الرائعة الكثيرة، وبدا ضئيلا تماما مقارنة بالمبتكر العظيم الآخر لأول عصر للطباعة في فينيسيا؛ ألدوس مانوتيوس.

9

كان الاختلاف الرئيسي بين ألدوس وزملائه الطابعين هو أنه هو وحده كان باحثا جادا، في حين أنهم كانوا بوجه عام حرفيين، وإن كان لديهم اهتمامات فكرية. كان هذا مهما لأن كل كتاب كان ينشر كان يصنع باستخدام مخطوط واحد على الأقل (يعرف باسم النموذج)، إن لم يكن باستخدام مخطوطات عدة؛ فكان إنتاج نسخة نهائية من نص ما يتطلب مهارات ومعرفة متخصصة. وما إن يكن النص قد أعد، حتى يجهز المنضدون ، الذين كانوا يجلسون على مقاعد عالية وأمامهم المخطوطات، الحروف المطبعية. كانت عملية معقدة وتهدر كثيرا من الوقت، وعادة ما كانت المخطوطات صعبة القراءة، ولم يكن يوجد توحيد إملائي أو توحيد للخطوط؛ لذا كان يتعين أن يكون المنضدون أذكياء وعلى مستوى تعليمي جيد؛ لأنهم إن ارتكبوا أخطاء، فسوف تتأثر قيمة الكتاب الناتج. إن تحديد المخطوطات الأصلية التي استخدمها الطابعون لإيجاد النسخ المطبوعة الجديدة هو أمر بالغ الصعوبة، ولم يعثر إلا على عدد قليل جدا من تلك المخطوطات. لا بد أن المنضدين قد تخلصوا من كثير منها، فلم يكن ثمة حاجة إليها بعدما أصبحت عدة مئات من النسخ المطبوعة متاحة، والمرجح أن تكون تلك المخطوطات قد تعرضت للتلف وللتلطيخ بالحبر بعد بقائها لأسابيع في بيئة دار الطباعة الصاخبة المتسخة.

مما لا شك فيه أنه لم يكن ثمة نقص في مجموعات الكتب في فينيسيا لإمداد المطابع بالمخطوطات؛ فعادة ما كان جامعو الكتب، والباحثون والطابعون يعملون معا لإنتاج النصوص المطبوعة. وبفضل ما كان يتمتع به من مهارات لغوية ومعرفة واسعة النطاق، تمكن ألدوس مانوتيوس من جمع كل هذه الخيوط معا. كان عملاق الطباعة الفينيسية، ومبتكر النص المائل، والكتب الصغيرة الحجم، والخطوط اليونانية السهلة القراءة، والفاصلة المنقوطة، وطائفة أخرى من الابتكارات، وينسب إليه أناس كثيرون فضل اختراع الكتب بالكيفية التي نعرفها في الوقت الحاضر. درس مانوتيوس في جامعة روما قبل أن ينتقل إلى مدينة فيرارا ليتعلم اللغة اليونانية ويعمل مدرسا خاصا للنبلاء الشبان. وعلى ما يبدو أنه كان يتبع المسار التقليدي للباحث الإيطالي في عصر النهضة، ولكن، في عام 1489، غير مساره فجأة وانتقل إلى فينيسيا. بعد خمسة أعوام، أسس دار ألدين للطباعة.

سرعان ما تأقلم ألدوس مع الحياة في فينيسيا، «دونما عناء يذكر لرجل كان يدرك قيمة ذاته».

अज्ञात पृष्ठ