قدم لها سيجارة وأشعلها، وراحت تشرب القهوة غير مكترثة لإلحاح عينيه، حتى سألها مداعبا: كيف حال القلق الوجودي؟! - عال، ولكنني لم أنم أكثر من ساعتين. - فكر وفلسفة؟ - شجار مع ماما وبابا كما تعلم.
تذكر بقلق الموضوع الذي جد في البحث عنه، أما هي فاستطردت مقلدة لهجة الوالدين: كملي تعليمك .. تزوجي .. لا تسهري كالشبان.
أسطوانة معادة، لكن البنت جميلة والجلسة موحية، ومن يدري؟! غير أنه يجب الانتهاء من الموضوع اليوم، ولو ألغيت مواعيد المساء، وتساءل: من أين لهما أن يفهما فيلسوفة صغيرة؟
حذرته - بتقطيبة - من التمادي في العبث، وقالت: لا يريد أحد أن يعترف بأنني أجاهد لتكوين نفسي، ولكنني أعاشر أهل الكهف!
وتذكر أكثر من حديث لوالدها في التليفزيون، فقال: ولكن والدك رجل عصري. - عصري! - على الأقل بالقياس إلى والدي.
وهي تداري ضحكة: بالقياس إلى العصر الحجري؟
رمى بنظرة إلى بعيد كالحالم، وقال بافتتان: العصر الحجري! .. لو نرجع إليه ساعة واحدة، لحملتك على كتفي دون زاجر، ولمضيت بك إلى كهفي بعمارة الشرق! - قلت لك لا تحلم، ودعني أحدثك فيما جئت من أجله. - آه! .. إذن لم نتقابل مصادفة؟ - أنت تعرف أنني أعرف أنك تكتب هنا كل صباح.
فقال بجدية مازحا: إذن، هيا بنا إلى عمارة الشرق لنجد مكانا مناسبا لحديث هام!
أشعلت سيجارة من سيجارة، وقالت: ألا ترى أنني لا أهزل؟
ثم وهي تحدجه بنظرة ثاقبة من عينيها الصافيتين كالشهد: وعدتني مرة بأن تعرفني بالأستاذ علي الكبير.
अज्ञात पृष्ठ