وألسنتهم للفصاحة، وأيديهم للسماحة، وأبو فراس أوحدهم بلاغة وبراغة، وفروسية وشجاعة، حتى قال الصاحب بن عباد: بدىء الشعر بملك، وختم بملك يعني امرىء القيس، وأبا فراس وقد أدركه حرفة الأدب وأصابته عين الكمال فأسرته الروم في بعض وقايعها فازدادت رومياته رقة ولطافة.
فمنها ما قال وقد سمع حمامة. بقربه تنوح على شجرة عالية:
أقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتا هل تشعرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى ... ولا خطرت منك الهموم ببالي
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا ... تعالي أقاسمك الهموم تعالي
أيضحك مأسور وتبكي طليقة ... ويسكت محزون ويندب سالي
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة ... ولكن دمعي في الحوادث غالي
انتهى كلامه والغرض بالاستشهاد قوله: تعالي بكسر اللام وكان القياس تعالى بالفتح. في معرفة قدر الاجتماع مع الأحباب.
قال بعض الحكماء: إذا أردت أن تعرف ربك، فاجعل بينك وبين المعاصي حائطًا من حديد.
سمنون المحب
وكان فؤادي خاليًا قبل حبكم ... وكان بذكر الخلق يلهو ويمزح
1 / 55