الشيخ سبعا كان كحجة، ومنهم من يقول: زيارة المغارة الفلانية ثلاث مرات كحجة، ومنهم من يحكي عن الشيخ الميت أنه قال: كل خطوة إلى قبري كحجة، ويوم القيامة لا أبيع بحجة. وأنكر بعض الناس ذلك فتمثل له الشيطان بصورة الشيخ في منامه وزجره عن إنكار ذلك. وهؤلاء وأمثالهم صلاتهم ونسكهم لغير الله رب العالمين، فليسوا على ملة إمام الحنفاء، وليسوا من عمار مساجد الله الذين قال الله فيهم: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر﴾ فعمار مساجد الله لا يخشون إلا الله، وعمار مشاهد المقابر يخشون غير الله، حتى إن طائفة من أرباب الكبائر الذين لا يخشون الله فيما يفعلونه من القبائح كان أحدهم إذا رأى قبة الميت أو الهلال الذي على رأس القبة يخشى من فعل الفواحش، ويقول أحدهم لصاحبه: ويحك هذا هلال القبة، فيخشون المدفون تحت الهلال، ولا يخشون الذي خلق السموات والأرض وجعل أهلة السماء مواقيت للناس والحج. وهؤلاء إذا نوظروا خوفوا مناظرهم كما صنع المشركون بإبراهيم. قال تعالى: ﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا﴾ - إلى قوله - ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ . وآخرون قد جعلوا الميت بمنزلة الإله، والشيخ الحي المتعلق به كالنبي، فمن الميت تطلب قضاء الحاجات وكشف الكربات، وأما الحي فالحلال ما حلله والحرام ما حرمه، وكأنهم في أنفسهم قد عزلوا الله عن أن يتخذوه إلها، وعزلوا محمدا ﷺ أن يتخذوه رسولا، وقد يجيء الحديث العهد بالإسلام أو التابع لهم الحسن الظن بهم أو غيره يطلب من الشيخ الميت إما دفع ظلم ملك يريد أن يظلمه أو غير ذلك فيدخل ذلك السادن فيقول قد قلت للشيخ والشيخ يقول للنبي والنبي يقول لله والله قد بعث رسولا إلى السلطان فلان. فهل هذا إلا محض دين المشركين والنصارى، وفيه من الكذب والجهل ما لا يستجيزه كل مشرك ونصراني ولا يروج عليه!.
1 / 358