صنفوا كتاب مناسك حج المشاهد كما صنف أبو عبد الله محمد بن النعمان الملقب بالمفيد أحد شيوخ الإمامية كتابا في ذلك وذكر فيه من الحكايات المكذوبة على أهل البيت ما لا يخفى كذبه على من له معرفة بالنقل، وآخرون يسافرون إلى قبور لمشائخ وإن لم يسموا ذلك حجا، فالمعنى واحد. ومن هؤلاء من يقول: وحق النبي الذي تحج إليه المطايا، فيجعل الحج إلى النبي لا إلى بيت الله ﷿، وكثير من هؤلاء أعظم قصده من الحج قصد قبر النبي ﷺ لا حج البيت وبعض الشيوخ المشهورين بالدين والزهد والصلاح صنف كتابا سماه الاستغاثة بالنبي ﷺ في اليقظة والمنام، وهذا الضال استعان بهذا الكتاب، وقد ذكر في مناقب هذا الشيخ أنه حج مرة وكان قبر النبي ﷺ منتهى قصده ثم رجع ولم يذهب إلى مكة وجعل هذا من مناقبه، فإن كان هذا مستحبا فينبغي لمن يجب عليه حج البيت إذا حج أن يجعل المدينة منتهى قصده ولا يذهب إلى مكة فإنه زيادة كلفة ومشقة مع ترك الأفضل، وهذا لا يقوله عاقل. وبسبب الخروج عن الشريعة صار بعض أكابر الشيوخ عند الناس ممن يقصده الملوك والقضاة والعلماء والعامة على طريقة ابن سبعين قيل إنه كان يقول: البيوت المحجوجة ثلاثة: مكة، وبيت المقدس، والبد الذي للمشركين بالهند وهذا لأنه كان يعتقد أن دين اليهود حق وأن دين النصارى حق، وجاءه بعض إخواننا العارفين قبل أن يعرف حقيقته فقال له: أريد أسلك على يديك. فقال: على دين اليهود أو النصارى أو المسلمين؟ فقال له: واليهود والنصارى ليسوا كفارا؟ فقال: لا تشدد عليهم، ولكن الإسلام أفضل. ومن هؤلاء من يرجح الحج إلى المقابر على الحج إلى البيت، ومنهم من يرجح الحج إلى البيت لكن يقول أحدهم: إنك إذا زرت قبر الشيخ مرتين أو ثلاثا كان كحجة، ومن الناس منه يجعل مقبرة الشيخ بمنزلة عرفات يسافرون إليها وقت الموسم فيعرفون بها كما يعرف المسلمون بعرفات، كما يفعل هذا في المغرب والمشرق، ومنهم من يجعل السفر إلى المشهد والقبر الذي يعظمه أفضل من الحج، ويقول أحدهم لأحد المريدين وقد حج سبع حجج إلى بيت الله العتيق: أتبيعني زيارة قبر الشيخ بالحجج السبع؟ فشاور الشيخ، فقال له: لو بعته لكنت مغبونا! ومنهم من يقول: من طاف بقبر
1 / 357