أن لا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بعبادة مبتدعة. وهذان الأصلان هما تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، كما قال تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ . قال الفضيل بن عياض: أخلصه وأصوبه. قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا. والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة. وذلك تحقيق قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ وجاءت السنة أن يسأل الله بأسمائه وصفاته فيقال: أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال، يا حي يا قيوم، وأسألك بأنك أنت الله، لا إله إلا أن الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وكذلك قوله: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم، وجدك الأعلى وكلماتك التامة. مع أن هذا الدعاء الثاني في جواز الدعاء له قولان للعلماء، وقال الشيخ أبو الحسن القدوري: قال بشر بن الوليد سمعت أبا يوسف يقول قال أبو حنيفة ﵀: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك أو بحق خلقك. وهو قول أبي يوسف. قال أبو يوسف: بمعقد العز من عرشك، هو الله، لا أكره هذا، وأكره بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت والمشعر الحرام. قال القدوري: المسألة بخلقه لا تجوز، لأنه لا حق للمخلوق على الخالق، فلا تجوز. يعني وفاقا. وقال البلدجي في شرح المختار: ويكره أن يدعو الله إلا به، فلا يقول أسألك بحق فلان بملائكتك أو بأنبيائك ونحو ذلك، لأنه لا حق لمخلوق على الخالق. أو يقول في دعائه أسألك بمعقد العز من عرشك. وعن أبي يوسف أنه يجوز. قلت: وهذا من أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما يقتضي المنع أن يسأل الله تعالى بغيره وأما سؤال الميت والغائب نبيا كان أو غير نبي فهو من المحرمات المنكرة باتفاق المسلمين، لم يأمر الله تعالى به ولا رسوله ﷺ، ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين، وهذا
1 / 354