كل بلد من ذلك شيء عظيم. فأزال الله ذلك كله بشيخ الإسلام، وأقام به الحجة على أهل زمانه وعرف التوحيد جميع أهل عدوانه، وأقروا أنه دين الله ورسوله، وأن الذي هم عليه الشرك بالله، ولم يزدهم ذلك إلا بغضا له وعداوة، وسعوا في إزالته وعداوته بكل ممكن حسدا له لما أظهر الله الدين على يده، حتى أظهره الله عليهم ونصره ونصر أتباعه على من خذلهم وخالفهم مع ضعفهم وقلة عددهم وقوة عدوهم وكثرتهم، وأدخل الله جميع أهل نجد في الإسلام ودانوا به واجتمعوا عليه حاضرتهم وباديتهم، فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، ونسأل الله العظيم المنان أن يثبتنا على الإسلام وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يعيذنا من التفرق والاختلاف إنه على كل شيء قدير. وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى في رده على ابن البكري في مسألة الاستغاثة: العبادات مبناها على الإتباع لا على الابتداع، فليس لأحد أن يشرع من الدين ما لم يأذن به الله، قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ به اللَّهُ﴾، وفي الصحيحين عن عائشة ﵂ عن النبي ﷺ أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي الصحيح وغيره: "يقول الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو كله للذي أشرك" ولهذا قال الفقهاء: العبادات مبناها على التوقيف، كما في الصحيحين عن عمر ﵁ أنه قبل الحجر الأسود وقال: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك". والله سبحانه أمرنا باتباع الرسول وطاعته وموالاته ومحبته، وضمن لنا بطاعته وبمحبته وإكرامه محبته لنا ومغفرته وهدايتنا وإدخالنا الجنة، فقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ وقال: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ وقال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ وأمثال ذلك في القرآن كثير ولا ينبغي لأحد أن يخرج في هذا الباب عما مضت به السنة وكان عليه سلف الأمة. وبالجملة فمعنا أصلان عظيمان: (أحدهما) أن لا نعبد إلا الله، (والثاني)
1 / 353