قال كليلة: زعموا أن جماعةً من القردة كانوا سكانًا في جبلٍ، فالتمسوا في ليلةٍ باردةٍ ذات رياح وأمطارٍ نادرًا، فلم يجدوا، فرأوا يراعةً تطير كأنها شرارة نارٍ، فظنوها نارًا، وجمعوا حطبًا كثيرًا فألقوه عليها، وجعلوا ينفخون طمعًا أن يوقدوا نارًا يصطلون بها من البرد. وكان قريبًا منهم طائر على شجرةٍ، ينظرون إليه وينظر إليهم، وقد رأى ما صنعوا، فجعل يناديهم ويقول: لا تتعبوا فإن الذي رأيتموه ليس بنارٍ. فلما طال ذلك عليه عزم على القرب منهم لنهاهم عما هم فيه، فمر به رجلٌ فعرف ما عزم عليه. فقال له: لا تلتمس تقومي ما لا يستقيم: فإن الحجر المانع الذي لا ينقطع لا تجرب عليه السيوف، والعود الذي لا نحني لا يعمل منه القوس: فلا تتعب. فأبى الطائر أن يطيعه، وتقدم إلى القردة ليعرفهم أن البراعة ليسن بناءٍ. فتناوله بعض القردة فضرب به الأرض فمات. فهذا