وقال ابن سيرين(1)وجماعة من السلف وأبو بكر الرازي(2)لا يجوز إلا باللفظ مطلقا لقوله : (نضر الله امرءا وروي رحم الله امرءا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) (3)وهذا بعث على النقل كما سمع ولوجوب نقل ما تعبدنا بلفظه اتفاقا كالأذان والإقامة والتشهد فكذلك يكون حكم جميع الآثار ولأنه لو جاز النقل بالمعنى وتبديل اللفظ لجاز ذلك للراوي ثم للراوي عنه ثم كذلك حتى يؤدي إلى خروج الخبر عن معناه لأن كل ناقل قد ينقص القليل ثم كذلك أبدا فيصير الحال في ذلك كالحال فيمن أخذ حصاة ثم طرحها وأخذ مثلها ثم طرحها وأخذ مثلها فإن آخر حصاة يلقطها لو قيست بالأولى لكان بينهما تفاوت كثير.
قلنا :أما الحديث فإنما دل على الدعاء لمن حفظه إلى أن يبلغه إلى غيره فهو حث له على الأولى ولم يمنع تأديته بالمعنى مع أنه في نفسه مروي بالمعنى فإنه روي نضر مخففا ومشددا وأنضر ورحم وأيضا فإن ناقل معنى اللفظ الذي سمعه يصدق عليه أنه مؤد له كما سمع ولذلك يقول المترجم أديته كما سمعته
وأما ما تعبدنا بلفظه فإنما هو لقيام الدلالة على تأديته بلفظه وهو غير محل النزاع كما تقدم وعليه يحمل قوله تعالى : ?فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم?[ البقرة 59/ الأعراف162]أو على ما (1)غير المعنى
وأما التجويز الذي ذكروه فغير محل النزاع أيضا فإن المفروض أن المنقول معنى لفظ النبي لا قول الراوي بحيث لا يتطرق إليه لبس ولا تغيير والله سبحانه أعلم
واعلم أن رواية كافر التصريح وفاسقه غير مقبولة بلا خلاف أعلمه وأما قبول شهادة الكفار بعضهم على بعض فللضرورة صيانة للحقوق إذ أكثر معاملاتهم فيما لا يحضره مسلمان
पृष्ठ 116