وكل ما نقلته عن العراقي منظوما فمن أرجوزته هذه وقوله فافعلوا ما تؤمرون تجديد للأمر وتأكيد وتنبيه على ترك التعنت فما تكروه قال ابن زيد وجمهور الناس في قوله صفراء أنها كانت كلها صفراء وفي مختصر الطبري فاقع لونها أي صاف لونها انتهى والفقوع مختص بالصفرة كما خص أحمر بقانىء وأسود بحالك وأبيض بناصع وأخضر بناضر قال ابن عباس وغيره الصفرة تسر النفس وسألوا بعد هذا كله عن ما هي سؤال متحيرين قد أحسوا مقت المعصية وفي استثنائهم في هذا السؤال الأخير انابة ما وانقياد ودليل ندم وحرص على موافقة الأمر وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لو لا ما استثنوا ما اهتدوا إليها أبدا وقوله لا ذلول تثير الأرض أي غير مذللة بالعمل والرياضة وتثير الأرض معناه بالحراثة وهي عند قوم جملة في موضع رفع على صفة البقرة أي لا ذلول مثيرة وقال قوم تثير فعل مستأنف والمعنى إيجاب الحرث وأنها كانت تحرث ولا تسقي ومسلمة بناء مبالغة من السلامة قال ابن عباس وغيره معناه من العيوب وقال مجاهد معناه من الشيات والألوان وقيل من العمل ولاشية فيها أي لا خلاف في لونها هي صفراء كلها قاله ابن زيد وغيره والموشى المختلط الألوان ومنه وشي الثوب تزينه بالألوان والثور الأشيه الذي فيه بلقة يقال فرس أبلق وكبش أخرج وتيس أبرق وكلب أبقع وثور اشيه كل ذلك بمعنى البلقة وهذه الأوصاف في البقرة سببها أنهم شددوا فشدد الله عليهم ودين الله يسر والتعمق في سؤال الأنبياء مذموم وقصة وجود هذه البقرة على ما روي أن رجلا من بني إسرائيل ولد له ابن وكانت له عجلة فأرسلها في غيضة وقال اللهم إني قد استودعتك هذه العجلة لهذا الصبي ومات الرجل فلما كبر الصبي قالت له أمه إن أباك كان قد استودع الله عجلة لك فاذهب فخذها فلما رأته البقرة جاءت إليه حتى أخذ بقرنيها وكانت مستوحشة فجعل يقودها نحو أمه فلقيه بنو إسرائيل ووجدوا بقرته على الصفة التي أمروا بها فلما وجدت البقرة ساموا صاحبها فاشتط عليهم فأتوا به موسى عليه السلام وقالوا له إن هذا اشتط علينا فقال لهم أرضوه في ملكه فاشتروها منه بوزنها مرة قاله عبيد السلماني وقيل بوزنها مرتين وقيل بوزنها عشر مرات وقال مجاهد كانت لرجل يبر أمه وأخذت منه بملء جلدها دنانير والآن مبني على الفتح معناه هذا الوقت وهو عبارة عما بين الماضي والمستقبل وجئت بالحق معناه عن من جعلهم عصاة بينت لنا غاية البيان وهذه الآية تعطى أن الذبح أصل في البقر وإن نحرت اجزأ وقوله تعالى وما كادوا يفعلون عبارة عن تثبطهم في ذبحها وقلة مبادرتهم إلى أمر الله تعالى وقال محمد بن كعب القرظي كان ذلك منهم لغلاء البقر وقيل كان ذلك خوف الفضيحة في أمر القاتل وادارأتم معناه تدافعتم قتل القتيل وفيها أي في النفس وقوله تعالى اضربوه ببعضها اية من الله تعالى على يدي موسى عليه السلام أن أمرهم أن يضربوا ببعض البقرة القتيل فيحي ويخبر بقاتله فقيل ضربوه وقيل ضربوا قبره لأن ابن عباس ذكر أن أمر القتيل وقع قبل جواز البحر وأنهم داموا في طلب البقرة أربعين سنة وقوله تعالى كذلك يحي الله الموتى الآية في هذه الآية حض على العبرة ودلالة على البعث في الآخرة وظاهرها أنها خطاب لبني إسرائيل حينئذ حكي لمحمد صلى الله عليه وسلم ليعتبر به إلى يوم القيامة وذهب الطبري إلى أنها خطاب لمعاصري محمد صلى الله عليه وسلم وأنها مقطوعة من قوله اضربوه ببعضها وروي أن هذا القتيل لما حيي وأخبر بقاتله عاد ميتا كما كان وقوله تعالى ثم قست قلوبكم الآية أي صلبت وجفت وهي عبارة عن خلوها من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى قال قتادة وغيره المراد قلوب بني إسرائيل جميعا في معاصيهم وما ركبوه بعد ذلك واو لا يصح أن تكون هنا للشك فقيل هي بمعنى الواو وقيل للإضراب وقيل للإبهام وقيل غير ذلك وقوله تعالى وان من الحجارة الآية معذرة للحجارة وتفضيل لها على قلوبهم قال قتادة عذر الله تعالى الحجارة ولم يعذر شقي بني آدم ت وروى البزار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أربعة من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا انتهى من الكوكب الدري لأبي العباس أحمد بن سعد التجيبي قال الغزالي في المنهاج واعلم أن أول الذنب قسوة وآخره والعياذ بالله شؤم وشقوة وسواد القلب يكون من الذنوب وعلامة سواد القلب أن لا تجد للذنوب مفزعا ولا للطاعات موقعا ولا للموعظة منجعا انتهى وقيل في هبوط الحجارة تفيؤ ظلالها وقيل أن الله تعال يخلق في بعض الأحجار خشية وحياة يهبط بها من علو تواضعا وقال مجاهد ما تردى حجر من رأس جبل ولا تفجر نهر من حجر ولا خرج ماء منه إلا من خشية الله عز وجل نزل بذلك القرآن وقال مثله ابن جريج وقوله تعالى افتطمعون أن يؤمنوا لكم الآية الخطاب للمؤمنين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وذلك أن الأنصار كان لهم حرص على إسلام اليهود للحلف والجوار الذي كان بينهم ومعنى هذا الخطاب التقرير على أمر فيه بعد إذ قد سلف لأسلاف هؤلاء اليهود أفاعيل سوء وهؤلاء على ذلك السنن وتحريف الشيء إمالته من حال إلى حال وذهب ابن عباس إلى أن تحريفهم وتبديلهم إنما هو بالتأويل ولفظ التوراة باق وذهب جماعة من العلماء إلى أنهم بدلوا ألفاظا من تلقائهم وأن ذلك ممكن في التوراة لأنهم استحفظوها وغير ممكن في القرآن لأن الله تعالى ضمن حفظه قلت وعن ابن إسحاق أن المراد بالفريق هنا طائفة من السبعين الذين سمعوا كلام الله مع موسى انتهى من مختصر الطبري وهذا يحتاج إلى سند صحيح وقوله تعالى وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا الآية المعنى وهم أيضا إذا لقوا يفعلون هذا فكيف يطمع في إيمانهم ويحتمل أن يكون هذا الكلام مستأنفا فيه كشف سرائرهم ورد في التفسير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن فقال كعب بن الأشرف واشباهه أذهبوا وتحسسوا أخبار من آمن بمحمد وقولوا لهم آمنا واكفروا إذا رجعتم فنزلت هذه الآية وقال ابن عباس نزلت في المنافقين من اليهود وروي عنه أيضا أنها نزلت في قوم من اليهود قالوا لبعض المؤمنين نحن نؤمن أنه نبي ولكن ليس إلينا وإنما هو إليكم خاصة فلما خلوا قال بعضهم لم تقرون بنبوته وقال أبو العالية وقتادة أن بعض اليهود تكلم بما في التوراة من صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم كفرة الأحبار أتحدثونهم بما فتح الله عليكم أي عرفكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ويحاجوكم من الحجة وعند ربكم معناه في الآخرة وقوله تعالى أفلا تعقلون قيل هو من قول الأحبار للاتباع وقيل هو خطاب من الله تعالى للمؤمنين أي أفلا تعقلون أن بني إسرائيل لا يؤمنون وهم بهذه الأحوال وأميون هنا عبارة عن عامة اليهود وجهلتهم أي أنهم لا يطمع في إيمانهم لما غمرهم من الضلال والأمي في اللغة الذي لا يكتب ولا يقرأ في كتاب نسب إلى الأم إما لأنه بحال أمه من عدم الكتب لا بحال أبيه إذ النساء ليس من شغلهن الكتب قاله الطبري وإما لأنه بحال ولدته أمه فيها لم ينتقل عنها والكتاب التوراة والأماني جمع أمنية واختلف في معنى أماني فقالت طائفة هي هاهنا من تمنى الرجل إذا ترجى فمعناه أن منهم من لا يكتب ولا يقرأ وإنما يقول بظنه شيئا سمعه فيتمنى أنه من الكتاب قال آخرون هي من تمنى إذا تلا ومنه قول الشاعر ... تمنى كتاب الله أول ليلة ... وآخره لاقى حمام المقادر ...
पृष्ठ 81