[المؤمنون:82، الصافات: 16- 17، الواقعة: 47- 48] وكان القرآن الكريم يواجههم بالأمثال المختلفة التي يضربها لهم لتبديد شبههم وتفريق أوهامهم، فاسمع إلى قول الله تعالى:
يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشآء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذآ أنزلنا عليها المآء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور
[الحج: 5- 7] وإلى قوله:
أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأهآ أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذآ أنتم منه توقدون أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم
[يس: 77- 81] تتصور تلك المعركة الحامية الوطيس، معركة الجدال في اليوم الآخر.
وقوله تعالى: { ملك يوم الدين } جاء في هذه السورة الكريمة لقرن الترهيب بالترغيب، فإن الآيات السابقة آيات مبشرات، وقد قضت سنة الله في كتابه أن يجتمع الوعد والوعيد غالبا في آية أو آيات متجاورة لحكمة بالغة علمها الله تعالى، فإن العباد بحاجة إلى تربيتهم بالترغيب والترهيب، وإيقاظ الشعور بالخوف والرجاء في نفوسهم لينشطوا للأعمال الصالحة بباعث الرجاء، وليحاذروا الأعمال السيئة لداعي الخوف، وفي الآية قراءات: " قرأ عاصم والكسائي ويعقوب وخلف في مختاره { ملك يوم الدين } ، قال الألوسي: وهي قراءة العشرة إلا طلحة والزبير، وقراءة كثير من الصحابة منهم أبي وابن مسعود ومعاذ وابن عباس والتابعين منهم قتادة والأعمش "
وذكر ابن عطية في تفسيره عن مكي أن نسبها - فيمن نسبها إليهم - إلى طلحة والزبير أيضا، وقرأ باقي السبعة " ملك يوم الدين " ، ونسبت إلى زيد وأبي الدرداء وابن عمرو وكثير من الصحابة والتابعين، وروى أحمد بن صالح عن ورش عن نافع " ملكي " بإشباع كسرة الكاف، وروي عن أبى عمرو من السبعة " ملك يوم الدين " بتسكين اللام، وثم قراءات أخرى منها: " ملك يوم الدين " بفتح اللام فعلا ماضيا، و " مالك " بالنصب و " مالكا " بالنصب والتنوين، و " مالك " بالرفع والتنوين، و " مالك.
. " بالرفع والإضافة، و " مالك " بالنصب والإضافة، و " مليك " على وزن عظيم، وهي قراءات شاذة لا يقرأ بها في الصلاة، وإنما المشهور القراءتان الأوليان.
وروي الترمذي في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ " ملك " بغير ألف، وأخرج نحوه ابن الأنباري عن أنس، وأخرج أحمد والترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقرأون " مالك " بالألف، وأخرجه الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، ورواه الطبراني في " الكبير " عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونحوه عند سعيد بن منصور عن ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه أيضا وكيع في تفسيره وعبد بن حميد وأبو داود عن الزهري يرفعه مرسلا، وأخرجه ابن الرزاق في تفسيره وعبد بن حميد وابو داود عن ابن المسيب يرفعه أيضا ارسالا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشوكاني في تفسيره: وقد روي من طرق كثيرة فهو أرجح من الأول، وللعلماء خلاف في ترجيح إحدى القراءتين على الأخرى مع الإجماع أن كلتيهما صحيحتان ثابتتان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ذهب إلى ترجيح { ملك يوم الدين } طائفة منهم المبرد وأبو عبيد من أئمة العربية وعليه ابن جرير الطبري والزمخشري والجرجاني والقرطبي وقطب الأئمة والإمام أبو نبهان والسيد محمد رشيد رضا.
अज्ञात पृष्ठ