ربا وصار عبدا لها ولمن في يده شيء منها فلعبت بهم ولعبوا بها ، هذه الدنيا وشهواتها التي أشار جلت عظمته الى جمهرتها بقوله تعالى : زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة (1) كانت كل هذه النفائس الدنيوية قد توفر للحسين عليه السلام أكملها وأجمها : من المال والبنين والنساء والخيل المسمومة مضافا الى ماكان له من العز والكرامة وكل مؤهلات الشرف والتقدير التي استحقها بحسبه ونسبه وبيته ومواهبه وقدكان في ذلك العصر لايوازيه ولايدانيه أحد في دنيا المفاخر والمآثر ، الكل يعترف ويعرف ماله من عظيم القدر ورفيع المنزلة ؛ فسلم المجد والصعود الى السماء بيمينه ، ومفاتيح خزائن الدنيا في قبضة شماله. ومع ذلك كله فحين جد الجد وحقت الحقيقة بذل كل ذلك وضحى به في ضاحية يوم الطف ، وفى سبيل المبدء كان أهون شيء عليه كل تلك النفائس ، وما اكتفى حتى بذل نفسه وجسده ورأسه وأوصاله وأولاده وكل حبيب له وعزيز عليه في سبيل حبيب الأعلى ومعشوقه الأول ، أفليس هو الجدير والحرى بأن يقول ؟ :
وبما شئت في هواك اختبرني
فاختياري ما كان فيه رضاكا
पृष्ठ 114