137

بل وغريب جدا ، كأنك نسيت قوله تعالى في نبيه نوح عليه السلام : فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما . (1) وذكر أرباب السير أن عمره كان الفا وستمأة ، وقيل أقل ، وقيل اكثر حتى قيل انه تجاوز الالفين. ومن تدبر وأنصف عرف أن الانسان اذا أمكن أن يعيش سنة امكان ان يعيش ألوف السنين فان من وهبه الحياة سنة يقدر أن يمدها الى ماشاء الله.

وأما سبب غيبة الخضر عليه السلام ان صح كونه حيا موجودا الى الآن كما عليه اكثر علماء الفريقين فلعل العلة في غيبته كراهته لمعاشرة هذا الخلق المنعوس ، وتجافيه عن مباشرة البشر الذي ثلثاه شر ، بل كله شر الا من عصم الله ممن يصل اليهم او يصلون اليه ، ويأنس بهم ويأنسون اليه. أراد ونعم ما أراد أن يعيش متباعدا عن هذه الجلبة والضوضا ، والمدنية الزائعة ، وكان وظيفته بني الانبياء ان كان نبيا تكميل الخواص من عباد الله من السياح والزهاد ، والابدال والاوتاد بخلاف سائر الانبياء ، فان وظيفتهم دعوة العامة من سواد الناس الى الايمان بالله واليوم الاخر ولو بالايمان والبسيط واليقين الضعيف.

पृष्ठ 163