أقول: هذا جواب غريب، وصدور مثله عن مثله أمر عجيب، لأن في تفسير علي بن إبراهيم الثقة: أن العامة روت (1) أنها نزلت في عائشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة، وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة (2). وهذا صريح في أن لا خلاف بين أصحابنا في أن المراد بها مارية.
روى روح الله روحه بإسناده عن ابن بكير عن زرارة " قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لما مات إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حزن عليه حزنا شديدا، فقالت عائشة: ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو إلا ابن جريح! فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) وأمره بقتله، فذهب علي (عليه السلام) إليه ومعه السيف، وكان جريح القبطي في حائط، فضرب علي (عليه السلام) باب البستان ، فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب، فلما عرف عليا (عليه السلام) عرف في وجهه الغضب، فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان، فوثب علي (عليه السلام) على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه، وولى جريح مدبرا، فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي (عليه السلام) في أثره، فلما دنا منه رمى جريح نفسه من فوق النخلة، فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا ما للنساء، فانصرف علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله إذا بعثتني في أمر أكون فيه كالمسمار المحمى في الوبر أم أتثبت؟ فقال (صلى الله عليه وآله): لا بل تثبت، فقال (عليه السلام): والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال وما له ما للنساء، فقال (صلى الله عليه وآله): الحمد لله الذي يصرف عنا السوء أهل البيت " (3). وفيه وفيما سيأتي إشكال، إذا تأمله عاقل يعرفه، ويعرف بتأمله دفعه.
وفي بعض التفاسير: " أن قوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) * (4) نزل في من قال للنبي (صلى الله عليه وآله): إن مارية أم إبراهيم يأتيها ابن عم لها قبطي، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام)، فقال: يا أخي خذ هذا السيف فإن وجدته عندها فاقتله،
पृष्ठ 36