الثالث: مسح ثلاث شعرات من الرأس بثلاث أصابع على المعمول به عندنا، ويتصور بأن يعزل ثلاث شعرات فيمسح كل واحدة بأصبع من الأصابع، وقيل: مسح ربعه، وقيل: ثلثه، وقيل: ثلثيه، وقال مالك وبعض أصحابنا: كله، وهو المستحب للخروج من الخلاف، وعليه فالباء في: برؤوسكم للتأكيد وعلى غيره للتبعيض، كذا قيل: وفيه أنه لا مانع من جعلها للإلصاق على كل قول لأن الإلصاق يصح بالبعض، ويصح بالكل وحده من فوق الأذنين وفوق الجبهة إلى حد العنق من خلف.
وكان عمر لا يرى القفا من الرأس في القصاص ويستحب أن يبدأ من وسط رأسه إلى أن يبلغ خنصرته حتى جبهته، ثم من وسطه إلى الأذنين، أو يبدأ من مقدم رأسه إلى حد منابت الشعر من القفا، ثم متياسرا إلى المقدم، وهو المعتبر عند قومنا، وهو مبني على أن آخر الرأس من خلف منتهى الشعر، ويجزي غير ذلك مع التعميم.
الرابع: غسل الرجلين مع الكعبين هذا هو الصحيح، وقيل: الواجب مسحهما لقراءة بعض مخفض الأرجل، وترد عليه قراءة النصب، ولعله يقول النصب نظر المحل المجرور على الشذوذ لأن هذا المحل لا يظهره في الفصيح، ولم يشرط الكوفيون في العطف على المحل ظهوره في الصحيح، وموجب الغسل يقول الخفض على الجوار، وهذا تخريج على الشذوذ لأن الخفض الجواري مقيس في النعت والتوكيد عند بعض، وقال بعض غير مقيس مطلقا، ولا دليل على وجوب غسلهما في قوله صلى الله عليه وسلم لقوم لم يستوفوا غسل أعقابهم: “ ويل للأعقاب من النار”.
إن العقاب ولو كان لا يتعلق إلا بترك الواجب لكن لا أدري هل تعلق بترك الغسل خصوصا أو بترك إيصال الماء مطلقا سواء بغسل أو مسح، فإنهم تركوا شيئا من أعقابهم لم يغسلوه ولم يمسحوه، ولا يقال لو كان الواجب المسح ما تركهم.
पृष्ठ 82