190

जामिक ली अहकाम क़ुरआन

الجامع لاحكام القرآن

अन्वेषक

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

प्रकाशक

دار الكتب المصرية

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशन वर्ष

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

प्रकाशक स्थान

القاهرة

مَكْفُورٌ: سَفَتِ الرِّيحُ عَلَيْهِ التُّرَابَ. وَالْكَافِرُ مِنَ الْأَرْضِ: مَا بَعُدَ عَنِ النَّاسِ لَا يَكَادُ يَنْزِلُهُ وَلَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ، وَمَنْ حَلَّ بِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ فَهُمْ أَهْلُ الْكُفُورِ. وَيُقَالُ الْكُفُورُ: الْقُرَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَواءٌ عَلَيْهِمْ) مَعْنَاهُ مُعْتَدِلٌ عِنْدَهُمُ الْإِنْذَارُ وَتَرْكُهُ، أَيْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ هَذَا. وجئ بِالِاسْتِفْهَامِ مِنْ أَجْلِ التَّسْوِيَةِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ «١» " [الشعراء: ١٣٦]. وَقَالَ الشَّاعِرُ: «٢» وَلَيْلٍ يَقُولُ النَّاسُ مِنْ ظُلُمَاتِهِ ... سَوَاءٌ صَحِيحَاتُ الْعُيُونِ وَعُورُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَأَنْذَرْتَهُمْ) الْإِنْذَارُ الْإِبْلَاغُ وَالْإِعْلَامُ، وَلَا يَكَادُ يَكُونُ إِلَّا فِي تَخْوِيفٍ يَتَّسِعُ زَمَانُهُ لِلِاحْتِرَازِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ زَمَانُهُ لِلِاحْتِرَازِ كَانَ إِشْعَارًا وَلَمْ يَكُنْ إِنْذَارًا، قَالَ الشَّاعِرُ: أَنْذَرْتَ عَمْرًا وَهُوَ فِي مهل ... قبل الصباح فَقَدْ عَصَى عَمْرُو وَتَنَاذَرَ بَنُو فُلَانٍ هَذَا الْأَمْرَ إِذَا خَوَّفَهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقِيلَ: هِيَ عَامَّةُ وَمَعْنَاهَا الْخُصُوصُ فِيمَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَسَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ عَلَى كُفْرِهِ. أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُعْلِمَ أَنَّ فِي النَّاسِ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ دُونَ أَنْ يُعَيِّنَ أَحَدًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي رُؤَسَاءِ الْيَهُودِ، مِنْهُمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَنُظَرَاؤُهُمَا. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: نَزَلَتْ فِيمَنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قَادَةِ الْأَحْزَابِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَإِنَّ مَنْ عَيَّنَ أَحَدًا فَإِنَّمَا مَثَّلَ بِمَنْ كَشَفَ الْغَيْبَ عَنْهُ بِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ، وَذَلِكَ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى" لَا يُؤْمِنُونَ" مَوْضِعُهُ رَفْعٌ خَبَرُ" إِنَّ" أَيْ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يُؤْمِنُونَ. وَقِيلَ: خَبَرُ" إِنَّ"" سَواءٌ" وَمَا بَعْدَهُ يَقُومُ مَقَامَ الصِّلَةِ، قَالَهُ ابْنُ كَيْسَانَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ:" سَواءٌ" رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ،" أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ" الْخَبَرُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ" إِنَّ". قَالَ النَّحَّاسُ: أَيْ إِنَّهُمْ تَبَالَهُوا فَلَمْ تُغْنِ فِيهِمُ النِّذَارَةُ شَيْئًا. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ" أَأَنْذَرْتَهُمْ" فقرأ أهل المدينة وأبو عمرو

(١). راجع ج ١٣ ص ١٢٥. (٢). هو أعشى قيس الملقب بالاعشى الأكبر.

1 / 184