فإن قال: فلم جوزتم الرفعان إليه فيما يكون الحق فيه واحدا؟ قيل له: إنما جاز أن يرفع إليه في حق متفق عليه على سبيل الاستعانة به كما يستعان بالعوام على بعضهم في حق يمتنع عن تسليمه إلى ربه. فإن قال: فما أنكرتم أن يكون الرفعان إلى الجبار لا يجوز في كل شيء لأن في ذلك الشد على عضده والتقوية لسلطانه. قيل له: لو كان في ذلك الشد على عضده وتقوية سلطانه، كان المستعين ببعض الفساق من الرعية على غيره في أخذ الحق عليه، واستعان به على أمر بمعروف أو نهي عن منكر أمره الله به كان شاذا على عضده، قد قواه على فسقه ومعاصيه، فلما كان المستعين بالظالم على القيام بالحق والنهي عن المنكر ليس بمعين له على ظلمه وفسقه، وجب أن يكون المستعين بالجبار على حق هو له ليس بمقو له (على) (¬1) فسقه. فإن قال: أليس في ذلك إبهام أن الحكم يجب له؟ قيل له: إن توهم ذلك من توهمه فلا يضر إلا المتوهم دون من لا (¬2) يأتمنه (¬3) ولا يقلده ولا يرى له منزلة الحاكم، وليس إذا استعان بالعوام على خصومنا كان ذلك إبهاما أن الحكم يجب لهم، وإنما هم بمنزلة استعانتنا به على اللصوص إذا خفنا منهم، فإن قال: فهل تقلده (¬4) في شيء من الأحكام؟ قيل له: لا. ولا نحتكم إليه فيما لا نعرفه (¬5) . فإن قال: فهل للعوام أن يحتكموا إليهم فيما لا يعرفون العدل فيه (¬6) ؟ قيل له: لا يجوز (¬7) للعوام أن يحتكموا إليهم إلا فيما يعرفون العدل فيه من قول المسلمين؛ لأن الجبار غير مأمون في حكم ولا هو للحكم أهلا. فإن قال: لم لا تقلدونه؟ قيل له: إنما يجب أن يقلدوا من أوجب الله لهم عليهم الطاعة ليقلدوه ذلك.
¬__________
(¬1) من (ج).
(¬2) من (ج).
(¬3) في (ج) يتمنه.
(¬4) في (ج) يقلده.
(¬5) في (أ) يعرفونه.
(¬6) من (ج) النقية.
(¬7) من (ج).
पृष्ठ 122