الروحانيين ثلاثة: أخيار: وهم الملائكة، وأشرار: وهم الشياطين، وأوساط: فيهم أخيار، وأشرار وهم الجن، ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ [الجن: ١] إلى قوله ﷿: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾ [الجن: ١٤] . والإنس: البشر، أو خلاف الجن والملك، وسمي الإنسان بذلك؛ لأنه خلق خلقه لا قوام له إلا بأنس بعضهم ببعض، ولهذا قيل: الإنسان مدني بالطبع حيث إنه لا قوام لبعضهم إلا ببعض ولا يمكنه أن يقوم بجميع أسبابه. وقيل: سُمِّي بذلك؛ لأنه عهد إليه فنسى.
والنبأ: خبر ذو فائدة عظيمة، يحصل به علم، أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة، وحق الخبر الذي يقال فيه نبأ أن يتعرى عن الكذب، كالتواتر، وخبر الله تعالى، وخبر النبي ﷺ، ولتضمن النبأ معنى الخبر يقال: أنبأته بكذا، كقوله: أخبرته بكذا، ولتضمنه معنى العلم قيل: أنبأته كذا، كقولك: أعلمته كذا، قال الله تعالى في كتابه الحكيم: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ، أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ [ص: ٦٧-٦٨] وقال: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ﴾ [النبأ: ١] والله أعلم. أفاده الراغب.
ولامعنى: أن الله ﷻ مع خلقه من إنس وجن في نبأ وخير عظيم، وعجب عجبًا، فالله يخلق الخلق من عباد، وجماد، وشجر، وحيوان ويقدر لهم الآجال والأرزاق، ويعبدون غيره من صنم، ووثن، وحجر، ونار، وشمس، وقمر، وهوى، وشيطان، يسدي نعمه على خلقه، ويشكرون غيره، ولا ينظرون إلى نعمائه. إن هذا العمل لفعل مستبعد عند العقلاء، ومنكر فظيع عند أهل الذكاء، فهل يليق بعاقل أن يمرح في نعماء مولاه ولا يعبده، وهل يستحسن ممن عرف يمينه من شماله، وميز بينهما أن يرتفع في رزق الله جل ثناؤه ولا يشكره، بل يشكر غيره، إن هذا لبهتان عظيم.
وقوله: "رواه البيهقي.. إلخ" البيهقي: هو الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي، الذي قيل في وصفه: ما من شافعي إلا وللشافعي فضل عليه غير البيهقي؛ فإن له المنة والفضل على الشافعي لكثرة تصانيفه في نصرة مذهبه، وبسط موجزه، وتأييد آرائه، توفي رحمه الله تعالى سة ٤٥٨هـ.
والحاكم: هو الإمام الحافظ المحيط بالسنة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدوية بن الضبي الطهماني النيسابوري الشهير بالحكم، ويعرف بابن البيّع، وهو من المؤلفين العظام، له المستدرك، وتاريخ نيسابور، والإكليل، والأمالي، وغير ذلك من نفائس الكتب، أخذ العلم عن ألفي شيخ توفي سنة ٤٠٥هـ.
والديلمي: نسبة إلى ديلم، وهي بلاد معروفة، وهو الإمام الحافظ شهردار بن
1 / 69