इत्तिहाफ अब्ना अस्र
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
शैलियों
اعلم أن عمرا كان في الجاهلية من الثلاثة الهاجين لرسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وهم عمرو المذكور وأبو سفيان بن حرب وعبد الله بن الزبعرى، وقد تقدم أنه فتح الديار المصرية في سنة 20ه في خلافة عمر بن الخطاب، ومكث واليا مدة خلافة أمير المؤمنين، ثم عزل في خلافة سيدنا عثمان، وأعيد واليا عليها من طرف معاوية أول خلفاء الدولة الأموية، وكان مستقلا بأحكامها حسب شروط معه؛ لأنه هو الذي أعان معاوية على سيدنا علي في حروبه، وهو الذي صنع الحيلة على أبي موسى الأشعري، وعزل عليا وثبت معاوية، ولما ظهر معاوية على علي وتم له الأمر بالخلافة جهز جيشا تحت قيادة عمرو بن العاص؛ لمحاربة عامل سيدنا علي بمصر وهو محمد بن أبي بكر الصديق، فكتب محمد إلى علي يستنجده، فأرسل له جيشا تحت قيادة ابن الأشتر، فصنع عمرو حيلة وأحضر عجوزا من أهالي مصر وأعطاها عسلا مسموما وقال لها: «أعطي هذه الهدية لرئيس الجيش العربي الذي حضر بالقلزم»، فأهدت الهدية لابن الأشتر فمات، ولما بلغ ذلك معاوية قال: «إن لله جنودا من عسل.» ودخل عمرو مصر وقاتل أصحاب محمد بن أبي بكر ومن بقي منهم، وأخذ أسيرا فأحضروه إلى معاوية بن خديج فقتله وألقاه في جيفة حمار، وأحرقه. وكانت مصر مدة ولاية عمرو طعمة له بعد رواتب الجنود حسب شروط بينه وبين معاوية، ومكث عمرو واليا على مصر إلى أن مات، ودفن بالمقطم، وذلك سنة 43 من الهجرة؛ أعني سنة 663م. (4) الدولة الأموية
أصل هذه الدولة من بني هاشم، وكان مقر ملوكها بدمشق الشام، وعدتهم أربعة عشر خليفة، ومدة حكمهم 52 سنة، وكان ابتداء ملكهم سنة 39 من الهجرة؛ أعني سنة 661م، وانتهائها سنة 133ه الموافقة لسنة 750م، ولنذكر خلفاءهم على الترتيب فنقول: (4-1) خلاف معاوية بن أبي سفيان 661-681م
بويع بالخلافة يوم الحكمين، ويوم قتل سيدنا علي، قيل ببيت المقدس، ويوم تنازل الحسن، وقيل إن عليا جهز جيشا لحرب معاوية، فاتفق قتله في هذه السنة، فلما بويع الحسن بلغه مسير أهل الشام إليه مع معاوية، فتجهز الحسن في ذلك الجيش وسار من الكوفة، فحصلت فتنة في الجيش أثناء الطريق، فنفر قلبه منهم وأرسل إلى معاوية واشترط شروطا إن أجابه إليها سمع وأطاع، فأجابه معاوية إليها، فتنازل الحسن وأقام بالمدينة إلى أن مات، وقيل إن زوجته «جعدة بنت الأشعث» سمته، قيل بأمر «معاوية»، وقيل بأمر «يزيد بن معاوية»، أطمعها بالتزوج بها ولم يف، ولما بلغ معاوية الخبر بوفاة الحسن سجد لله سبحانه وتعالى، ولما مات عمرو بن العاص استخلف معاوية ابنه عبد الله على مصر ثم عزله، وكان علي استعمل زيادا على فارس، ولما سلم الحسن الأمر إلى معاوية منع زياد بفارس الطاعة، فأهم معاوية أمره؛ خوفا أن يدعو إلى أحد من بني هاشم فيعيد الحرب، وقدم المغيرة عامل معاوية بالكوفة على معاوية، وشكا إليه امتناع زياد بفارس، فتوجه المغيرة بالأمان إلى زياد، فأحضره وبايع معاوية، وفي سنة 48ه أرسل جيشا تحت قيادة سفيان بن عوف، فحاصر القسطنطينية ولم يتمكن منها، فقتل جانب عظيم من جيشه، وفقدت منه عدة مراكب بالحريق. وفي هذه السنة بنى عقبة بن نافع عامل معاوية على أفريقا مدينة القيروان.
وفي سنة 54ه ولى معاوية سعيد بن عثمان بن عفان خراسان فقطع جيحون إلى سمرقند، وفتح جملة بلاد، وكان معه قثم بن العباس، ثم بايع معاوية الناس ليزيد بولاية عهده، وبايعه أهل الشام والعراق، وأراد مروان بن الحكم عامله بالمدينة البيعة له، فامتنع الحسين رضي الله عنه منها وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر، وامتنع الناس لامتناعهم، ثم قدم معاوية الحجاز بألف فارس وبايع ليزيد أهل الحجاز إلا المذكورين. وفي سنة 58ه توفيت عائشة رضي الله عنها وأخوها عبد الرحمن، وفي سنة 59ه توفي أبو هريرة رضي الله عنه واسمه عبد الرحمن بن صخر، وفي سنة 60ه توفي معاوية وعمره 75 سنة، ومدة خلافته 19 سنة، فكان واليا وخليفة مدة أربعين سنة وهو أول من بايع ولده وعمل المقصورة في المسجد وخطب جالسا. (4-2) خلافة يزيد بن معاوية 681-683م
ولما مات أبوه أرسل إلى عامله بالمدينة بإلزام الحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر، فقال عبد الله بن عمر: «إن أجمع الناس على مبايعته بايعته.» وأما الحسين وعبد الله بن الزبير فلحقا بمكة ولم يبايعا، وأرسل عامل المدينة جيشا مع عمرو بن الزبير لقتال الحسين وأخيه، وكان شديد البغض لأخيه، فانتصر عبد الله بن الزبير عليه، وأخذه أسيرا وحبسه حتى مات، ثم ورد إلى الحسين مكاتبات أهل الكوفة بالمسير إليهم ليبايعوه، فأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ليأخذ البيعة، وكان العامل على الكوفة وقتئذ النعمان بن بشير، فقيل بايعه ثلاثون ألفا، وقيل ثمانية وعشرون ألفا، وبلغ يزيد عن النعمان بن بشير كلام لا يرضيه فولى الكوفة عبيد الله بن زياد والي البصرة، ورأى ما الناس عليه، فخطب وحث الناس على طاعة يزيد، وقبض على مسلم بن عقيل وأمر بضرب عنقه، ولما بلغ الحسين سار من مكة قاصدا العراق، ووقعت بينه وبين عبيد الله بن زياد حروب انتهت بقتله بأرض كربلاء، وذلك يوم عاشوراء سنة 61ه، وبعثوا برأسه مع أولاده ونسائه إلى ابن زياد، ومنها إلى يزيد، وعلقت على باب دمشق ثم طيف بها في البلاد، وقيل دفنت بعد ذلك بالمدينة، وقيل بعسقلان. ثم نقلها أبو طلائع بن رزبك من وزراء دولة الفواطم وبنى عليها المشهد الحسيني المشهور بالقاهرة، وكان عمره رضي الله عنه خمسة وخمسين سنة، وفي سنة 63ه اتفق أهل المدينة على خلع يزيد، فأرسل إليهم جيشا وردهم عن ذلك ثم حاصروا مكة مدة 40 يوما وارتحلوا عنها حين بلغهم موت يزيد سنة 64ه، وكان عامله على مصر سعيد بن يزيد ابنه. (4-3) خلافة معاوية بن يزيد
وكان شابا دينا، تولى الخلافة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك جمع الناس، وقال: «قد ضعفت عن أمركم ولم أجد لكم مثل عمر بن الخطاب لأستخلفه ولا مثل أهل الشورى، فأنتم أولى بأمركم، فاختاروا من أحببتم.» ثم دخل منزله وأقام به حتى مات، وأوصى أن يصلي الضحاك بن قيس حتى يقوم لهم خليفة. ولما مات بويع ابن الزبير بمكة، فقصد مروان بن الحكم المسير إليه من المدينة لمبايعته، ثم توجه إلى الشام مع بني أمية، وقيل كتب ابن الزبير إلى عامله بالمدينة أن لا يترك بها أحدا من بني أمية، وهرب عبيد الله بن زياد من البصرة إلى الشام، وبايع أهل البصرة ابن الزبير وأيضا أهل العراق والحجاز واليمن وأهل مصر، وبايع له في الشام الضحاك بن قيس والنعمان بن بشير بحمص، وزفر بن الحارث الكلابي بقنسرين، وكاد يتم له الأمر، وأقام مروان بن الحكم بالشام في أيام ابن الزبير واجتمع به بنو أمية، وصار الناس بالشام فرقتين؛ اليمانية مع مروان، والقيسية مع الضحاك مبايعين لابن الزبير، واقتتلوا بمرج راهط، وتمت الهزيمة على الضحاك ومن معه، ودخل مروان دمشق، واستوثق الشام له، وسار فملك مصر، ومات مروان بخنق أم خالد زوجته، ودفن بدمشق، وكان عامله على مصر عبد العزيز بن مروان ابنه. (4-4) خلافة عبد الملك بن مروان 685-705م
بويع بالخلافة يوم موت أبيه سنة 685م الموافقة سنة 66ه، وكان هذا الملك سفاكا للدماء، وهو أول من ضرب السكة في الإسلام، ونهى عن التكلم في حضرات الملوك، وفي أيامه خرج المختار بن عبيد الله الثقفي بالكوفة طالبا دم الحسين في جمع كثير، واستولى عليها وبايعوه بها على كتاب الله وسنة رسوله والطلب بدم أهل البيت، وتجرد المختار لقتل قتلة الحسين، وظفر بشمر بن ذي الجوشن المتهم بقتل الحسين، واستولى على الموصل، وقدم على الجيش إبراهيم بن الأشتر النخعي، وقاتلوا جيش «عبيد الله بن زياد»، وقتل عبيد الله المذكور وانهزم أصحابه، وبعث برأسه وعدة من رءوس أصحابه إلى المختار، وذلك سنة 67ه، وفي هذه السنة ولى ابن الزبير أخاه مصعبا البصرة، ثم سار مصعب من البصرة بعد أن جاء له المهلب بن أبي صفرة من خراسان بمال وعسكر كثير، فسارا جميعا إلى قتال المختار - حيث لم تكن نيته صافية في طلب دم الحسين - بالكوفة، فالتقاهما المختار بجموعه، فانهزم المختار وأصحابه بعد قتال شديد، وحصر في قصر الإمارة بالكوفة، فقاتل المختار حتى قتل. وفي سنة 69ه تجهز عبد الملك إلى العراق وتجهز مصعب لملتقاه، وأقبل الجمعان فتخلى العراقيون عن مصعب، وكانوا قد كاتبوا عبد الملك، فقاتل مصعب حتى قتل، ودخل عبد الملك الكوفة واستوثق له ملك العراقيين، ثم رجع إلى دمشق وحول العمرة من بيت الله الحرام إلى بيت المقدس؛ لحصول الألفة بأهل الشام، ولتتخلى عن الزبير أصحابه. وبعد ذلك جهز عبد الملك الحجاج بن يوسف في جيش إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير، فسار حتى نزل بالطائف، وجرت بينه وبين أصحاب ابن الزبير حروب، وكانت الهزيمة فيها على أصحاب ابن الزبير، وآخر ذلك أنه حصر ابن الزبير بمكة، ونصب المنجنيق على جبل أبي قبيس بالقرب من مكة، وصار يرمي الكعبة بالأحجار، واستمر ذلك سبعة أشهر، وقاتل ابن الزبير حتى قتل، وبعد ذلك بويع لعبد الملك بالحجاز واليمن، وبعث رأسه إلى عبد الملك، ثم صلب جسده نحو سنة، ثم أنزل بشفاعة أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وجعل عبد الملك واليا على مكة والمدينة، وكان الحجاج عنيف السياسة. وفي سنة 74ه هدم الحجاج الكعبة وأخرج الحجر عن البيت، وبنى الكعبة على ما كانت عليه في زمن الرسول
صلى الله عليه وسلم
وهي على ذلك إلى الآن.
अज्ञात पृष्ठ