इत्तिहाफ अब्ना अस्र
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
शैलियों
الفصل التاسع
في تاريخ العرب
اعلم أن العرب يسمون بلادهم جزيرة العرب، وهي في الحقيقة شبه جزيرة، ويحدها من الشمال فلسطين وبعض سوريا والجزيرة، ومن الشرق الجزيرة أيضا والعراق العربي والخليج الفارسي وجزء من بحر الهند، ومن الجنوب بحر الهند أيضا، ومن الغرب بوغاز باب المندب والبحر الأحمر المعروف بخليج العرب وبوغاز السويس.
وتنقسم بلاد العرب إلى خمسة أقسام: وهي اليمن والحجاز ونجد واليمامة وأرض البحرين وهي معدودة عند أكثرهم من العراق، وهي في الحقيقة في بلاد العرب إلا أنها متصلة بالعراق. (1) أمة العرب قبل الإسلام
اعلم أن العرب ينسبون أنفسهم إلى ذرية إبراهيم الخليل عليه السلام، فكان قحطان وإسماعيل أصلين للنسلين العظيمين اللذين عمرا شبه جزيرة العرب، الأول في جنوبها والثاني في شمالها، ويقال لهذين النسلين العرب المستعربة والعرب المتعربة لتمييزهما عن عرب العربا الذين يقال إنهم من نسل قومي عاد وثمود.
فأما عاد فعلى حسب الروايات القديمة كان يسكن ومعه قومه صحراء الأحقاف - شمال حضرموت - وقد أرسل الله إليهم هودا عليه السلام، فلم يؤمن بالله منهم إلا قليل، فأرسل الله عليهم ريحا صرصرا فأهلكهم عن آخرهم. وأما ثمود وقومه فكانوا يسكنون الأقطار الحجازية، فأرسل الله إليهم صالحا عليه السلام، فدعاهم إلى التوحيد، فما تبعه إلا المستضعفون منهم، فأرسل الله عليهم صيحة من السماء فأصبحوا في ديارهم جاثمين على الركب، وسار صالح عليه السلام إلى الشام.
والعمالقة وهم من ذرية سام على رأي البعض أو من ذرية حام على رأي البعض الآخر، وأما العرب المتعربة وهم بنو قحطان فقد توطنوا باليمن وأسسوا فيها عائلتين ملوكيتين؛ عائلة ملوك سبأ والثانية عائلة ملوك حمير، وبقي لسان العرب العرباء هو اللغة العربية الحقيقية المستعملة إلى الآن في الحجاز ونجد، ولكن سكان مدن اليمن قد استعملوا لغة بني حمير التي تعلمتها بنو قحطان من آبائهم الأول.
وأما العرب المستعربة فظهروا بعد زوال بني قحطان بزمن طويل، وقد قيل إن إبراهيم الخليل عليه السلام لما أوحي إليه من قبل الله عز وجل بأن يبني في مكة المشرفة هيكلا أي معبدا مباركا رحل من الشام امتثالا لأمر الله، ونزل في بلاد العرب وشيد فيها الكعبة سنة 2740ق.م التي عظمتها العرب منذ أزمان طويلة بأنواع التعظيمات الدينية، وقد أقعد بناؤها خليل الرحمن عن الرحيل من الحجاز مدة عدة سنين، وعاونه على بنائها ابنه إسماعيل عليه السلام المولود بأرض مكة عينها، وعين الماء التي عثرت عليها هاجر - والدة إسماعيل - تسمى بئر زمزم، وأن الحجر الأسود المشهور جاء به لإسماعيل جبريل عليهما السلام، ولم يزل هذا الحجر موضوعا من قديم الزمان في بناء الكعبة، ومن نسل إسماعيل عدنان الذي ينتهي إليه النسب الصحيح للنبي
صلى الله عليه وسلم .
وأما حمير الخامس عشر من أولاد يعرب بن قحطان - الذي هو أول من تكلم باللغة العربية - إليه تنسب عائلة بني حمير التي حكمت باليمن ما ينوف عن عشرين قرنا، وهو الذي طرد ثمود وقومه إلى الحجاز، ومن ملوك الحميرية إسكندر ذو القرنين المذكور في القرآن الشريف، ومنهم أيضا أفريقش وذو الأذعار والهدهاد وبنته بلقيس التي أتت طائعة إلى سيدنا سليمان كما تقدم وتزوجها، ومنهم تبع وإليه تنسب التبابعة، وحكم منهم 24، واستمر حكمهم إلى سنة 96ق.ه، ومنهم ذو نوانس ودخل في دين اليهود وجبر الناس على الدخول في هذا الدين، ومن لم يدخل فيه يحرق، وظلم المسيحيين فاستعانوا بالنجاشي ملك الحبشة الذي كانت ديانته مسيحية، ولما طلبوا معاونته لإنقاذهم من هذا الظلم أرسل المذكور ابنه أرياط مترئسا على جيش مهول ليستولي على بلاد اليمن، فدخل فيها وفتح بعض مدنها وهزم آخر ملوك التبابعة، ثم قتل أرياط فترأس على الجيوش أبرهة الأشرم صاحب الفيل الذي عزم على فتح مكة المشرفة، وكانت في هذا الوقت تحت رياسة عبد المطلب جد النبي
अज्ञात पृष्ठ