इत्तिहाफ अब्ना अस्र
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
शैलियों
وكان الإسكندر مغلول اليد في مصاريفه الخصوصية مبسوطها في المصروف العام؛ والدليل على ذلك أنه كان في نظام بيته «مقدونيا» ولدفع ديون العساكر وإخبار اليونان بفتوحاته، وفي إسعاد كل رجل من جنده كان «الإسكندر».
وبعد أن تم فتح ملك فارس دخل بلاد الهند وهزم ملوكها لا سيما بيروس العظيم القدر، ولم توقف سيره الصحاري ولا الأنهار ولا الجبال، إلا أنه اضطر أن يطيع أمر جنده الذين ملوا من الحروب وطلبوا الراحة، واكتفى بترك آثاره الفاخرة على شواطئ نهر آراسب، وعاد بجيشه من طريق آخر، وأخضع جميع البلاد التي قابلته وعاد إلى بابل مهابا محترما، ولكن هذه المملكة الواسعة لم تقم إلا بمقدار عمره القصير ومات وهو في سن الثلاث والثلاثين من عمره، بينما كان متشبثا بأجل المقاصد التي لم يتشبث بها أحد على وجه الأرض بعشم زائد في نجاحها، فاختطفته المنية ولم تتركه زمنا لتثبيت أعماله، وأخلف أخا له مهبولا وولدا رضيعا غير أكفاء للقيام بأعباء هذا الحمل العظيم، ومما عاد على بيته بالشؤم ومملكته بالخراب والدمار أن ترك قوادا عودهم على الحروب والغزوات والطمع، فلا يرجون شيئا سواها. وكان مستشعرا بما سيحصل بعد موته، ومن خوفه أن لا يطاع أمره لم يتجاسر على تعيين خليفة له ولا وصي لأولاده، بل أخبر أن أصحابه سيشيعون جنازته بوقائع سافكة للدماء، وقد رأى في حياته تقسيم مملكته وخراب بيته، وأما مملكته التي ورثها من أجداده منذ أزمان طويلة وهي مقدونيا فقد أغير عليها كأنها ميراث ليس له وارث وحكمتها عائلة غير عائلته، فهكذا تكون حالة الفاتح العظيم الذي ذهب بفضل الشهرة، وأن يكون آخر ملوك عائلته، فلو أنه قعد في مملكته ساكنا فما كانت مملكته تقسمت بين ضباطه وكان ترك مملكة آبائه لأبنائه، ولكنها لما كبرت واتسعت كان سببا في زوال ملكه الخاص، فتلك ثمرة كثرة الفتوحات والغزوات.
وهو الذي اختط مدينة إسكندرية في محل القرية التي كانت تعرف في ذلك اليوم باسم «راكوتيس» وجعلها على نسق المباني المقدونية، وذلك سنة 332ق.م وقد عين بنفسه محل المباني والهياكل سواء كانت مصرية أو مقدونية، وهذا دليل على إباحة الديانة المصرية عنده وجعلها مركزا للتجارة المشرقية والمغربية، ومات الإسكندر بالحمة المتقطعة، وذلك من انهماكه على شرب الخمور زيادة عن الطاقة، وذلك سنة 323ق.م، ومدة حكمه 12 سنة، وعمره 33 سنة. قال بعض المؤرخين إنه مات ببابل، وقد ذكر المعلم بطرس البستاني في دائرة المعارف أنه مات بشهرزور بعلة الخوانيق، وكان عمره 36 سنة، ودفن في تابوت من ذهب مرصع بالجوهر، وطلي بالصبر لئلا يتغير، وحمل إلى أمه بالإسكندرية، وبنى الإسكندر 12 مدينة منها أصبهان وهراة ومرو وسمرقند، وبنى بالسواد مدينة لروشنك وبأرض اليونان مدينة وبمصر الإسكندرية.
خلفاء الإسكندر
ومات الإسكندر ولم يعين خليفة له، وكان له ابن ولد بعد موته ببضع شهور وأخ أحمق لا شرف ولا مجد له، فصارا يتقلبان على سرير الملك مدة من الزمن، ثم قام أتباع الإسكندر وقسموا ممالكه إلى خمسة أقسام؛ استولى «أنطيباتيه» على مقدونيا، و«أنتيجون» على آسيا الصغرى، و«إيمين» - بإمالة الألف والميم - على قبادوسيا، و«سيلوخوس» على بابل، و«بطليموس» على مصر، وجعلوا «لفرديكاس» الذي كان قد أعطى له الإسكندر قبل موته خاتمه الرياسة عليهم؛ لكن بعد ذلك أبوا رياسة فرديكاس وأرادوا أن يكون لهم الرياسة المطلقة على أقاليمهم، ومن ثم حصلت مخاصمات ومنازعات، فاشتد الحرب بين هؤلاء الطمعة فقتل «فرديكاس» وقام «أنطيباتيه» ثم «إيمين» وجدوا في طلب حقوق عائلة الإسكندر، ولكن «إيمين» بعد أن انتصر نصرات عظيمة هزمه أخيرا «أنتيجون» وقتله، وبعد موته لم تجد عائلة الإسكندر من يقوم بحمايتها ووقعت بين أيدي أعدائها واتبعوها بالقتل حتى أهلكوها ولم يبق منها غير المستضعفين، وقبض «أنتيجون» وابنه «ديمتروس» على زمام أقاليم آسيا، فتعصب عليهما بطليموس وسيلوخوس وأحزابهما، ووقعت الحروب بينهما، فدارت الدائرة فيها على أنتيجون ومن معه بالقرب من مدينة أبسوس «بآسيا الصغرى» سنة 310ق.م، وقتل أنتيجون. وأما ابنه ديمتريوس ففر هاربا، وكانت واقعة «أبسوس» المذكورة سببا في انقطاع الشقاق والتطاعن، وانقسمت ممالك الإسكندر بعد ذلك إلى ثلاثة أقسام؛ الأول: مصر، وتولاها بطليموس صوتير. والثاني: سوريا، وتولاها سيلوخوس. والثالث: مقدونيا، وتولاها كساندر. (2-6) تاريخ اليونان بعد موت الإسكندر
الحزب الأخيواني وذكر أراتوس
ولما انحطت بلاد اليونان جميعها استعبدها ملوك مقدونيا، فشرعت في إنقاذ نفسها وأول من اجتهد في ذلك من أهلها الشهير «أراتوس» فخلص مدينته التي ولد بها من الطاغية، وأراد كذلك إنقاذ وطنه بتمامه من طغيان أهل مقدونيا، ولكن كان يتوقف نجاحه على اتحاد البلاد اليونانية في الكلمة كما فعلت أيام الحروب الميدية فتسنى لها طرد الأجانب، لكن لما كانت مدائن «أشاء» أو «أخيا» يدا واحدة عقد أهلها مع بعضهم المعاهدات، فجمع شملهم، وعامل كل منهم أخاه على وتيرة واحدة، وبالجملة كانت «أخيا» عبارة عن حزب، فبث «أراتوس» في الحزب الأخيواني روح الحمية، وسعى في ضم بلاد اليونان جميعها إلى حزبه، فتمكن من ذلك وأنقذ كورنته من حاميتها المقدونية، وأدخل في الحزب جملة مدائن منها «أتينا»، وكان ذلك نحو سنة 250ق.م.
الحزب الإيطولياني
قد اضمحلت مقدونيا بالفتن الداخلية وصارت هي والحزب الأخيواني أعداء ألداء للأقوام المعروفين باسم الإيطوليين «بشمال المورة» الذين كانوا يشنون الغارة دائما على أطراف تلك الجهات ويهددونها بالسلب والنهب، ثم اجتمعوا في هيئة حزب سمي بالحزب الإيطولياني، وانتشبت الحرب بين الأخيوانيين والإيطوليين انتهت بحصول معاهدة بينهما، وقبل ذلك أراتوس. وكانت إسبارطة قد قامت من سقطتها بعناية أحد ملوكها المدعو «آجيس» الذي نشر أحكام «لوكورغه» ليحيي بذلك وطنه، فابتدأ بإبطال الديون، ثم قسم الأرض بين الأهالي، فغضب لذلك أغنياء إسبارطة، وأغروا على قتله. ولما تولى كليومين الثالث «بإمالة الميم» الملك صمم على تنفيذ مشروع «آجيس»، فابتدأ في تنظيم القوة العسكرية لبلاد «لقديمونيا»، وأراد كسر شوكة الحزب الأخيواني، فقام وهجم على أراتوس، وانتصر عليه جملة نصرات، ورجع إلى «لقديمونيا»، وحبب إليه العزم في استرجاع أحكام لوكورغه، وشدد في ذلك، ومن ثم عاد لإسبارطة شوكتها القديمة، وصار كليومين له الرياسة الملوكية على أغلب مدن المورة، فلما شاهد «أراتوس» ذلك وعرف مقاصد «كليومين» استنجد بملوك مقدونيا، فبعثوا لمساعدته جيشا من المقدونيين والأخيوانيين، فانهزم الإسبارطيون بالقرب من مدينة «سيللازيا» «لاكونيا» سنة 222ق.م، وأما كليومين ففر هاربا إلى مصر والتجأ إلى بطليموس الثالث، ثم قتل نفسه، وذلك سنة 221ق.م.
وبعد واقعة «سيللازيا» انتشبت الحروب بين الأخيوانيين والإيطوليين؛ حيث كان غرض الإيطوليين أن يكون الحكم المقدوني في أيديهم، وسميت هذه الحرب «حرب الحزبين»، فانهزم الأخيوانيون والتجئوا إلى مقدونيا، وكان ملكها وقتئذ فيلبش الثالث، وفي سنة 213 مات أراتوس مسموما بأمر فيلبش المذكور، وبذلك تحكمت يده على بلاد اليونان.
अज्ञात पृष्ठ