-149- وكذلك لوحارب الإمام الأول فقاتله المسلمون بغير إمام باغيا عليهم ، فسفك على ذلك الدماء على البغي ، ولم يقيموا إماما عليه ثم تاب من الذي بغى به على المسلمين ،وأنصف فيما يلزمه كان يرجع إلى إمامته ، لأنه هو الإمام ، ما لم يعقد المسلمون لإمام غيره .
وإنما أخرجه من حد ثبوت الإمامة الإصرار على المعصية ، ويرده إليه التوبة ، كما أخرجته المعصية . وقد ثبت أن الأعلام حجة على الإمام في جميع ما لزمه من الأحكام ، وثبت أن الحدود يقيمها غير الإمام إذا أمره الإمام ، ولا نعلم في ذلك اختلافا إذا كان الإمام ثابت الإمامة .
فلو قال قائل : إنه إذا أتى الإمام حدا وتاب مما أتى من الحدود ، وأقام عليه الأعلام الحدود ، رجع إلى إمامته بعد ذلك ، ما لم يكن فيه قتله أو يموت منه ، ما خرج ذلك عن أصول الحق عندنا ، والله أعلم .
ويجب التسليم للأثر ، فان فعل هذا فاعل من أهل العلم والبصر من أوليائنا لم نقدم على البراءة منه ، ولا على ترك ولايته لما قد بينا من العلل في إقامة الحدود من غير فعل الإمام ، ومن ثبوت حجة الأعلام على الإمام .
فصل : وإذا اختلف أهل الدار من أهل العلم ، فارادوا عزل الإمام على هذا لابطال إمامته بعض أهل العلم ، ولو تاب وأراد بعض إقامة الحد عليه وإثبات إمامته اذا تاب ، أحببنا عند اختلافهم اتباع الأثر ، وزوال إمامة الإمام ، لأن عليه قول أكثر أهل العلم ، ولا نحب منازعة من أراد إثبات ذلك الإمام على هذا ، لمن أراد عزله وزوال إمامته .
-150- باب
पृष्ठ 150