فصل : والإمام في جميع ما خرج من سبيل الأحكام مدع فيما يقول على رعيته ، من ادعائه لنفسه ما يجر إلى نفسه مغنما أو يدفع عنها مغرما ، فهو في ذلك مدع . فإن قال على أحد من رعيته أنه قتل أباه أو أخاه أو أحدا ممن يكون هو ولي دمه أو وارثه . أو قال إنه أقر معه بذلك . أو قال إن عليه له ألف درهم أو أقر له بالف درهم ، أو ادعى تزويجا أو شيئا من الأشياء التي لا يكون حاكما فيها على من يدعي عليه لغيره ، ويكون الحكم في ذلك لنفسه أو لأحد من أولاده ، فيما يجر إليه بذلك مغنما ، أو يدفع عنه مغرما أو لعبده ، فذلك كله يكون فيه مدعيا ، ولا يجوز أن يجبر في ذلك رعيته على ما يدعي ، وإذا حكم لنفسه على رعيته ، فيما يقع عليه حكم الإجماع أنه مدع فيه ، فذلك لا يجوز له ، ويكون بذلك محدثا ، فإن أراد إنفاذ ذلك على خصمه ، فطلب منه خصمه الانصاف منع من ذلك ، وكان عليه الامتناع عن ذلك ، ولوكان صادقا في قوله عند الله ، فإن خرج من حكم المسلمين في ذلك وامتنع ، كان حربا على ذلك .
فصل : وكذلك إن ادعى على أحد من رعيته أنه قذفه بالزنا ، أو قذف من هو ولي ذلك ممن قد مات ، كان بذلك مدعيا ولا يصدق في ذلك ، وعليه البينة وهو خصم في ذلك .
وان قال على أحد من رعيته ما يكون به مستحقا للعقوبة غير الحدود في القذف والزنا ، وعاقبه على ذلك من تسور عليه في داره ، أو اعتراض له بما يلزمه فيه العقوبة ، بغير إقامة حد ولا إنفاذ حكم ، إلا ما يجب على رعيته من الأدب في الأفعال ، التي يستحقون بها الأدب في غير إنفاذ حكم ولا إثبات حد ، كان بذلك مصدقا ، لأن ذلك مما لا يخرج فيه مخرج الدعوى ، ولا يثبت فيه حكم مخالفا الاجماع ، وذلك مما له فيه النظر والخيار ، وإنما يكون مدعيا على من ادعى عليه من خصمائه من رعيته ، فيما لا يكون له فيه عذر في
पृष्ठ 144