وهذه القواعد الأربعة ذكرها القاضي حسين، وقال إن فروع الفقه كلها آئلة إليها ، وبحث بعضهم في ذلك فقال في رجوع جميع الفقه إليها تعسفا لأن أصوله منتشرة تتضح بالتفصيل، وزاد بعض العلماء قاعدة خامسة وإليها أشار الناظم بقوله:
وللمقاصد الأمور تتبع ... - ... وقيل ذي إلى اليقين ترجع
(وللمقاصد أمر تتبع) يعني أن الأمور تتبع المقاصد فإن كان حسنا كان حسنا، وإن كان قبيحا كان قبيحا.
ومن فروعها تمييز العبادات من العادات بالقصد وتمييز مراتب العبادات بالقصد لأن القصد شرط صحة في العبادات المحضة وشرط لحصول الثواب في جميع الأعمال. ومنه تخصيص العموم وتقييد المطلق في الأيمان بالنية على تفصيل يذكر في كتب الفروع.
وتندرج في هذه القاعدة قاعدة سد الذرائع إلى الفساد وقد تقدم بيانها. والأصل فيها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"
(وقيل ذي إلى اليقين ترجع) أي وقيل إن قاعدة تبعية الأمور لمقاصدها ترجع إلى قاعدة اليقين لا يرفع بالشك، لأن الشيء إذا لم يقصد فنحن على يقين من عدم حصوله، وهذا القول حكاه الشيخ حلولو.
وقيل للعرف وذي القواعد ... - ... خمستها لا خلف فيها وارد
(وقيل للعرف) أي وقيل إنها ترجع إلى قاعدة تحكيم العرف أي أنها داخلة فيها، وهذا القول حكاه ولي الدين العراقي عن بعض العلماء قال لأن العادة تقتضي أن غير المنوي من غسل وصلاة وكنيابة في عقد لا يسمى غسلا ولا قربة ولا عقدا؛ وقد رد الشيخ عز الدين أحكام الشرع كلها إلى جلب المصالح ودرء المفاسد.
(وذي القواعد . خمستها لا خلف فيها وارد) يعني أن هذه القواعد الخمس لا خلاف بين العلماء كلهم في كونها أصولا تبنى عليها فروع الشريعة، وإنما الخلاف بينهم في تفصيل ذلك؛ قال في نشر البنود ورجوع بعض فروع الفقه إلى هذه الأصول فيه تكلف باعتبار وسائط، فلو زيدت الأصول التي ترجع إليها فروع الفقه مع وضوح الدلالة لزادت على المائين.
पृष्ठ 36