ومنها خروج القيد مخرج التوكيد كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا" فوصف المرأة بالإيمان بالله واليوم الآخر خرج مخرج التأكيد لا لقصد التقيد، وإن كان غير المؤمنة كالكتابية يحل لها الإحداد على غير الزوج فوق ثلاث ولا يجب عليها الإحداد على الزوج أربعة أشهر وعشرا، بل الكتابية التي تحت المسلم والمسلمة في ذلك سواء.
ومنها كون ذكر القيد لأجل بيان الواقع نحو قوله تعالى: { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين } فتقييد النهي عن موالاة الكفار بما إذا كانت من دون المؤمنين خرج لبيان الواقع حين النهي فلا يدل على جواز موالاتهم إذا لم تكن من دون المؤمنين، بل موالاة الكفار مطلقا سواء من دون المؤمنين أم لا.
ومنها المبالغة نحو قوله تعالى في النهي عن الاستغفار للمنافقين { إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } فتقييد الاستغفار بكونه إن وقع سبعين مرة لا ينفعهم خرج مخرج المبالغة في عدم الغفران، فلا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا زاد على السبعين ينفعهم ذلك، بل المراد أن استغفاره لهم لا ينفعهم ولو بلغ منتهى العدد.
ومنها كون القيد ذكر لأجل سؤال سائل عنه كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "في الغنم السائمة زكاة" فتقييد الغنم بالسؤم إنما كان لأن سائلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الغنم السائمة، فلا يدل على أن المعلوفة لا تجب فيها الزكاة، بل المعلوفة والسائمة سيام في وجوب الزكاة، وهذا هو مذهب مالك.
पृष्ठ 11