ثم يُقال لهم: من أين يُعلم صدق الجماعة في أنه لا مكذِّبَ لهم في
نقلهم لما نقلوا.
فإن قالوا: بخبرهم عن أنه لا مكذبَ لهم، قيل لهم: فإذا جاز عليهم
الكذب في بعض ما يخبرونكم به فما أنكرتم من جواز الكذب عليهم، في
أنه لا مخالف لهم في نقلهم، ثم يقال لهم: ومن أين نعلم أيضًا أنه لا
مخالفَ لهم فيما قالوا إنه لا مخالف لهم فيه فالكذب جائزٌ عليهم.
ويقال لهم: إذا لم تعلموا صحةَ نقلهم حتى تعلموا أنه لا مكذّب لهم
فيه ولا تعلموا أنه لا مكذّبَ لهم فيه حتى تعلموا صحةَ نقلهم عن أنه لا
مكذّبَ لهم فيه، وأمكن أن تكذبوا في نقلهم إنه لا مكذّبَ لهم فيما نقلوه لم
يصحّ أن يعلموا أبدًا صحة نقلهم من حيثُ لم يصحّ أن يعلموا صدقَهم في
قولهم ونقلهم أنه لا مكذب، ولم يأمنوا أن يكونوا في دعواهم لذلك
كاذبين، هذا ما لا خلاصَ لهم منه أبدًا.
ويقال لهم: إذا لم تعلموا صحةَ النقل إلا إذا علمتم أنه لا مخالفَ لهم
فيه، ولم تعلموا أنه لا مخالفَ لهم فيه حتى تعلموا أنه صحيحٌ: لم يصح أن
يعلموا أبدًا صحةَ الخبر، لأنكم تجعلون الشيءَ شرطًا فيما هو شرطٌ فيه.
ويقال لهم: يجبُ على اعتلالكم إبطالُ جميع الأخبار لخلاف السمنية
عليها، ويجب أن يصيرَ العلمُ بصحة الخبر إذا لم يكن منه مخالفٌ جهلًا وإذا
حدث مخالفٌ في صحته وجاحدٌ لموجبه، وأن ينقلبَ العلمُ جهلًا لحدوُ
الخلاف على الخبر، وتجويز انقلاب العلم بصحته جهلًا بجواز حدوث
خلافٍ فيه، وهذه غايةٌ من الجهل لا يبلغها ذو تحصيل، فوجبَ بذلك
سقوطُ جميع ما تعلقوا به.
1 / 104