فلم يجُز جحدُ شي، من ذلك أو الشك فيه، قيل: فما الفصلُ بينكم وبينَ من قال: إننا نعلم باضطرار أن هذا القرآنَ هو الذي أتى به الرسول، وثبت
رسمه، ولزم القيامُ بحفظه، لم يغيَّر ولم يبدَّل، وإن سورةَ البقرة والحمد
والأحزاب و(لَم يَكنْ) مرسومةٌ محفوظةٌ على ما أُنزلت عليه، من غير تغيير
ولا تبديل، ولا زيادةٍ ولا نقصان، وأنه مضطرٌ إلى العلم بصحة ذلك عند
سماع نقل النَّقلَة عن رسول ﷺ، فهل يجدون في ذلك فصلًا، فإن قالوا: الفصل بين الأمرين أنه لا مخالفَ في ظهور الرسول عليه
السلام ودعائه إلى نفسه، وما كان من حروبه ووقائعه، وقد خالف قومٌ من
الناس في أن المرسومَ بين اللوحين هو جميعُ ما أنزل الله على وجه ما أنزله.
غير مُغيَّرٍ ولا مبدَّل، فلم يجب القطع على صحة النقل بذلك لأجل هذا
الخلاف، قيل لهم: قد بيّنا فيما سلف أنه لا معتبرَ في قيام الحجة بالنقل
والعلم بصحته بعدم الخلاف عليه ولا بوجوده، وإنما المعتبرُ في ذلك
بمجيئه على وجهٍ يوجب العلمَ ويقطع العذر، فبطل بذلك ما أصّلتموه.
ثم يقال لهم: فيجبُ لأجل فعلِكم هذا جحدُ ما ترونه من النص على
عليّ وما ترونه من تغيير القرآن ونقصانه أو الشك في صحة نقلكم هذا.
لأجل خلافِنا وخلافِ سائر الأمة لكم في ذلك وتكذيبنا إياكم، ولا فصلَ
لهم من ذلك إلا بما يُبطل ما فصلوا به، ثم يُقال لهم: فخبرونا هل علمتم
ضرورة وجودَ النبي ﷺ وظهورَه في العالم بخبر جميع الناس أو بخبر بعضهم، فإن قالوا: بخبر جميعهم لنا بذلك، كذَبوا وبُهِتوا لأنهم لم يلقَوا جميعَ الناس في شرق الأرض وغربها، وإن قالوا: بخبر بعض الناس علمنا ذلك إذا لم يخالفهم في نقلهم مخالف، قيل لهم: وبأي شيءٍ تعلمون تصديقَ جميع الناس لذلك البعض في نقلهم وأنه لا مخالفَ لهم، أبِلِقاء
1 / 102