المستقبل، لأن نقل ما ذكرناه أوجبَ لنا علم الضرورة بصحة ما نقلوه.
وانتفاءَ السهو والإغفال والكذب والافتعال عنهم لما هم عليه من كثرة
العدد واختلاف الطبائع والأسباب والهِمَم.
ولو ساغ لمدعي أن يدّعي أن القرآن قد نقص منه لأجل ما روي عن
عمر وعبد الله بن مسعود في المعوذتين وغيرهما، أو زيد فيه ما ليس منه
لأجل ما روي عن أبي من إثباته القنوت في مصحفه، أو لأنه لا يدري أن
القرآن الذي في مصاحفنا زائد أو ناقص، أو على ترتيب ما أُنزل أم لا.
لأجل ما رُوي عن الآحاد من الزيادة فيه أو النقصان منه، ولأجل ما رُوي من اختلاف مصاحف الصحابة، وبجعل ذلك ذريعةً إلى دفع النقل الظاهر
المشهور: لساغ لآخر أن يدّعي أنه لا يدري أن هذا المصحف الذي في
أيدينا هو مصحف عثمان على وجهه ونظمه وتأليفه، أو قد زِيد فيه ونُقص
منه، أو نقطعُ على أنه مغيّر ومبدل عما كان اجتمع عليه عثمانُ والجماعةُ في
وقته، وإن كان هذا المصحف قد نقل عن عثمان نقلًا متواترًا مستفيضًا.
لأجل ما يرويه ويظنه كثير من الناس - ومن الشيعة خاصةً - من أن الحجّاجَ
بن يوسف قد غيّر المصحف الذي هو إمام عثمان وزاد فيه أحد عشر حرفًا.
ونقص منه، وأخذ مصاحف أهل العراق ونشر فيهم ما كان غيّره وزاده
ونقصه، فلما لم يجُز ذلك ووجب القطعُ على صحة نقل من نقل مصحف
عثمان، وترك الإحفال والاكتراث، بخلاف من خالف في ذلك وادّعى أنه
مغيّرٌ ومبدّلٌ عما أمر به عُثمان ورسمه زيد والصحابةُ والجماعةُ وجبَ لمثل
هذا بعينه القطعُ على صحة من نقل أن مصحف عثمان هو جميعُ الثابت من
القراءات عن الرسول، وأنه مثبتٌ على ما أنزله ورتبه الرسول، لأنهم قومٌ
1 / 95