इंतिसार
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ومن وجه ثالث: وهو أنكم إذا زعمتم أن البول إذا اختلف وصفه اختلف غسله، فتقولون: بأن بول المحرور يجب غسله لكونه أخبث وأقذر من بول المرطب، فأوجبوا في بول المرطب النضح والرش كما قلتم في بول الغلام مع بول الجارية لما اختلف حالهما، وأنتم لا تقولون به فبطل ما زعموه.
فهذا ما أردنا ذكره من المسائل الشرعية من النوع الأول، وبالله التوفيق.
النوع الثاني: في بيان كيفية الغسل لما يمكن غسله من النجاسات الشرعية وفيه مسائل:
مسألة: ذهب علماء العترة ومن تابعهم من فقهاء الأمة إلى أن النجاسات إذا كانت غير مرئية فالمشروع في غسلها ثلاث مرات، لما روي عن النبي أنه قال: (( إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا )). فإذا شرع ذلك في حق النجاسة التي يشك فيها، فلأن يشرع في النجاسة المتحققة أولى وأحق، وهل يجب العدد أم لا؟ فيه مذاهب ثلاثة:
المذهب الأول: أنه لا بد فيها من رعاية العدد في الثلاث، وهذا هو الذي نصره السيدان المؤيد بالله وأبو العباس وهو المحكي عن المتقدمين من أصحاب أبي حنيفة. فأما أبو حنيفة فالمحكي عنه: أن النجاسة إذا كانت غير مرئية غسلت حتى يغلب على الظن زوالها، لكن التقدير من جهة أصحابه بالثلاث.
والحجة على ذلك: ما روينا من الخبر المتقدم، وهو قوله : (( إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس )). وظاهر النهي للتحريم، ولن يكون الغمس محرما إلا والغسل واجبا ثلاثا لظاهر الحديث، من غير حاجة إلى تأويله، والسبب في ذلك أنهم كانوا ينامون على غير طهارة من البول والغائط، فأمرهم الرسول بغسل الأيدي ثلاثا قبل أن يغمسوها في الإناء، لتكون طاهرة مما عسى أن تمس أيديهم من تلك النجاسة.
المذهب الثاني: أنه لابد من رعاية العدد وهو سبع، وهذا هو المحكي عن الحسن وأحمد بن حنبل.
والحجة لهما على ذلك: ما روى أبو هريرة عن النبي أنه قال: (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا)). فنص على هذه العدة في حق الكلب، ثم قسنا سائر النجاسات عليها والجامع بينهما، كونها نجاسة غير مرئية.
पृष्ठ 452