इंतिसार
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
والحجة على ذلك: هو أنه لا سبب هنالك يشار إليه بالتطهير سوى ما ذكره، فيجب أن يكون هو السبب في طهارتها، وإنما قلنا: أنه لا سبب هناك يعقل في الطهارات إلا ما ذكره ، فلأن الأمور التي يعقل أن تكون سببا: إما الغسل ولا قائل به، وإما المسح وهو إنما يكون في الأشياء الصقيلة ولا قائل به في غيرها، فإذا بطل هذان الأمران لما قررناه لم يبق إلا الجفاف بعد الولادة، وإذا كان الأمر كما قلناه في طهارتها بالجفاف، فما بعد جفافها من مباشرتها بالرطوبات يكون طاهرا لا محالة، إلا أن يعرض له عارض مما يوجب نجاستها فتكون نجسة، وقبل الجفاف تكون تلك البلة التي حصلت من بطون أمهاتها نجسة لا محالة من البلة والدم، وما يكون من آثار الرحم؛ لأنها مواضع الحدث، فما يخرج منها فهو نجس وما كان متصلا به، فأما أجواف ما يؤكل لحمه فسنذكر كيفية تطهيره في الأطعمة عند ذكر الجلالة بمعونة الله تعالى. وهذا ما أردنا ذكره من النوع الأول في كيفية تطهير ما لا يقبل الغسل وما تعذر غسله للحرج والمشقة، فأما ما لا يغسل فليس فيه إلا مسألة واحدة نذكرها هاهنا.
مسألة: ذهب علماء العترة إلى أن الميتة من جميع الحيوانات، إذا وقعت في شيء جامد كالسمن والعسل وغير ذلك من الأشياء الجامدة فإنه يقور ما حولها، وإن كانت مائعة أريقت كالزيت والسليط وغير ذلك من المائعات. وهذا هو المحكي عن فقهاء الأمة.
والحجة على ذلك: ما روي عن الرسول أنه قال: (( إذا وقع الحيوان في السمن أريق المائع وقور ما حولي الجامد))(¬1).
وإن غسل الجامد جاز ذلك لأنه مما يمكن غسله لجموده، فأما المائع فلا سبيل إلى غسله لأجل ميعانه فلأجل هذا يراق.
पृष्ठ 448