وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: (أيَّ رجل كان الشافعي، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ فقال: يا بني! كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر! هل لهذين من خَلَف، أو عنهما من عِوض؟) (١).
وما أحسن ما نُسب إلى الشافعي ﵀ من قوله (٢):
قالوا: يزورك أحمد وتزوره ... قلت: الفضائل ما تعدت منزله
إن زارني فبفضله، أو زرته ... فلفضله، فالفضل في الحالين له
وقال حاشد بن إسماعيل: (كنت بالبصرة، فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل -أي البخاري- فلما قدم قال بُندار: " اليوم دخل سيد الفقهاء ") (٣).
* وتجلى هذا الولاء في دفاع بعضهم عن بعض:
فعن عمرو بن غالب أن رجلًا نال من عائشة عند عمَّار، فقال: " اعزب مقبوحًا منبوحًا، أتؤذي حبيبة رسول الله ﷺ؟! " (٤).
وقال كعب بن مالك ﵁ في قصة تخلفه عن غزوة تبوك: (ولما بلغ النبي ﷺ تبوك، ذكرنى، وقال: " ما فعل كعب "؟ فقال رجل من قومي: " خلَّفه يا نبي الله برداء، والنظر في عطفيه "، فقال معاذ ﵁: " بئس ما قلتَ، والله ما نعلم إلا خيرًا ") (٥).
وقال عباد بن عباد: (أراد شعبة أن يقع في خالد الحذاء -أحد الأئمة الحفاظ الأعلام- فأتيتُه أنا وحماد بن زيد، فقلنا له: " مالك؟! أجُنِنْتَ؟! "، وتهددناه،
(١) " سير أعلام النبلاء " (١٠/ ٤٥)، " تاريخ بغداد " (٢/ ٦٢، ٦٦).
(٢) " جلاء العينين في محاكمة الأحمدين " ص (١٩٥).
(٣) " تاريخ بغداد " (٢/ ١٦).
(٤) أخرجه الترمذي رقم (٣٨٨٨)، وحسنه، وابن سعد في " الطبقات " (٨/ ٦٥)، وأبو نعيم، في " الحلية " (٤٤/ ٢).
(٥) قطعة من حديث طويل رواه البخاري (٥/ ١٣٠)، ومسلم (٤/ ٢١٢٢)، وأحمد (٣/ ٤٥٧).