المسجد؛ مقال: " يا أبا جعفر إلى أين؟ " قلت: " أتطهر للصلاة "، قال: " كان ظني بك غير هذا، يدخل عليك وقت الصلاة، وأنت على غير طهارة! " (١).
وعن أبي عصمة عاصم بن عصام البيهقي قال: (بتُّ ليلة عند أحمد بن حنبل، فجاء بالماء فوضعه، فلما أصبح نظر إلى الماء، فإذا هو كما كان، فقال: " سبحان الله! رجل يطلب العلم لا يكون له وِرْد من الليل " (٢).
فوائد (٣)
الأولى: اعلم -رحمك الله- أن معنى قول رسول الله ﷺ: " من يُرد الله به خيرًا، يفقهه في الدين " (٤) أنه يفهمه في الدِّين، ومعنى " الدين " هنا ينبغي أن يفهم في ضوء قوله ﷺ: " هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم " (٥) بعدما سأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، وبهذا يعلم أن مدح " الفقه في الدين " لا يختص بعلم الفروع الظاهر، على علم الأدب الباطن؛ لأن " الدين " شامل للأمرين، بل الثاني أولى بالدخول فيه؛ لأنه النتيجة والثمرة المقصودة بالذات من العلم، إذ إنه علم تحصل به تصفية البواطن من عيوب النفس، وتعلّمُه واجب
(١) " السابق " (١/ ١٤٣).
(٢) " السابق " (١/ ١٤٣)
(٣) مختصرة من " فتح المنعم " للشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي ﵀ (٣/ ٣١٣ - ٣٥٣).
(٤) رواه من حديث أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ﵄: البخاري (١/ ١٥٠، ١٥١)، ومسلم رقم (١٠٣٧).
(٥) رواه من حديث أبي هريرة ﵁ البخاري (٨/ ٥١٣).