236

الوجه العاشر: هب أن المراد: علمنا صدقه، لكن يقال: إن أبا بكر وعمر وعثمان ونحوهم ممن علم صدقهم، وأنهم لا يتعمدون الكذب، وإن جاز عليهم الخطأ أو بعض الذنوب، فإن الكذب أعظم، ولهذا ترد شهادة الشاهد بالكذبة الواحدة في أحد قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وقد روى في ذلك حديث مرسل.

ونحن قد نعلم يقينا أن هؤلاء لم يكونوا يتعمدون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ولا يتعمدون الكذب بحال. ولا نسلم أنا لا نعلم انتفاء الكذب إلا عمن يعلم أنه معصوم مطلقا، بل كثير من الناس إذا اختبرته تيقنت أنه لا يكذب، وإن كان يخطئ ويذنب ذنوبا أخرى. ولا نسلم أن كل من ليس بمعصوم يجوز أن يتعمد الكذب.

وهذا خلاف الواقع، فإن الكذب لا يتعمده إلا من هو من شر الناس. وهؤلاء الصحابة لم يكن فيهم من يتعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل العلم يعلمون بالاضطرار أن مثل مالك وشعبة ويحيى بن سعيد والثوري والشافعي وأحمد ونحوهم، لم يكونوا يتعمدون الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا على غيره، فكيف بابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وغيرهم؟!.

الوجه الحادي عشر: أنه لو قدر أن المراد به: المعصوم لا نسلم الإجماع على انتفاء العصمة من غير علي، كما تقدم بيان ذلك؛ فإن كثيرا من الناس الذين هم خير من الرافضة يدعون في شيوخهم هذا المعنى، وإن غيروا عبارته. وأيضا فنحن لا نسلم انتفاء عصمتهم مع ثبوت عصمته، بل إما انتفاء الجميع وإما ثبوت الجميع.

الفصل السادس والثلاثون

الرد على من ادعى الإمامة لعلي بقوله إنه اختص بفضيلة أنه أول من صلى وركع مع النبي صلى الله عليه وسلم

قال الرافضي: "البرهان السادس والثلاثون: قوله تعالى: { واركعوا مع الراكعين } [البقرة: 43].

पृष्ठ 237