235

الثامن: أن يقال: إن الله أمرنا أن نكون مع الصادقين، ولم يقل: مع المعلوم فيهم الصدق، كما أنه قال: { وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله } [الطلاق: 2] لم يقل: من علمتم أنهم ذوو عدل منكم. وكما قال : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } [النساء: 58] لم يقل: إلى من علمتم أنهم أهلها. وكما قال: { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } [النساء: 58] ولم يقل: بما علمتم أنه عدل، لكن علق الحكم بالوصف.

ونحن علينا الاجتهاد بحسب الإمكان في معرفة الصدق والعدالة وأهل الأمانة والعدل، ولسنا مكلفين في ذلك بعلم الغيب. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم المأمور أن يحكم بالعدل قال: "إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحق بحجته من بعض، وإنما أقضي بنحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له من النار"(¬1).

الوجه التاسع: هب أن المراد: مع المعلوم فيهم الصدق، لكن العلم كالعلم في قوله: { فإن علمتموهن مؤمنات } [الممتحنة: 10]، والإيمان أخفى من الصدق. فإذا كان العلم المشروط هناك يمتنع أن يقال فيه ليس إلا العلم بالمعصوم، كذلك هنا يمتنع أن يقال: لا يعلم إلا صدق المعصوم.

पृष्ठ 236