331

بزجرة الأسود ، فخلوت بربي عز وجل أدعوه وأسأله بحق رسوله وآله أن لا يخيب سعيي ، وأن يظهر لي ما يثبت به قلبي ويزيد في بصري ، فلما كان بعد سنين زرت قبر المصطفى صلى الله عليه وآله ، فبينا أنا في الروضة التي بين القبر والمنبر إذ غلبتني عيني فإذا محرك يحركني فاستيقظت فإذا أنا بالأسود فقال : ما خبرك وكيف كنت؟ فقلت : أحمد الله وأذمك. فقال : لا تفعل فإني امرت بما خاطبتك ، به وقد أدركت خيرا كثيرا فطب نفسا وازدد من الشكر لله عز وجل على ما أدركت وعاينت ، ما فعل فلان وسمى بعض إخواني المستبصرين فقلت : ببرقة (1). فقال : صدقت ففلان؟ وسمى رفيقا لي مجتهدا في العبادة مستبصرا في الديانة ، فقلت : بالاسكندرية ، حتى سمى لي عدة من إخواني ، ثم ذكر اسما غريبا فقال : ما فعل فغفور؟ قلت : لا أعرفه. فقال : كيف لا تعرفه وهو رومي فيهديه الله فيخرج ناصر من قسطنطينة.

ثم سألني عن رجل آخر فقلت : لا أعرفه. فقال : هذا رجل من أهل هيت من أنصار مولاي ، امض إلى أصحابك فقل لهم : نرجو أن يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين وفي الانتقام من الظالمين ، وقد لقيت جماعة من أصحابي وأديت إليهم وأبلغتهم ما حملت وأنا منصرف ، واشير عليك أن لا تتلبس بما يثقل به ظهرك وتتعب به جسمك ، وأن تحبس نفسك على طاعة ربك فإن الأمر قريب إن شاء الله ، فأمرت خازني فأحضر لي خمسين دينارا وسألته قبولها فقال : يا أخي قد حرم الله علي أن آخذ منك ما أنا مستغن عنه كما أحل لي أن آخذ منك الشيء إذا احتجت إليه.

فقلت : هل سمع هذا الكلام منك أحد غيري من أصحاب السلطان؟ فقال : نعم أخوك أحمد بن الحسين الهمداني المدفوع عن نعمته بأذربايجان ، وقد استأذن للحج أملا أن يلقى ما لقيت ، فحج أحمد بن الحسين الهمداني رحمه الله في تلك السنة فقتله زكرويه بن مهرويه ، وافترقنا وانصرفت إلى الثغر ، ثم حججت فلقيت بالمدينة رجلا اسمه طاهر من ولد الحسين الأصغر يقال إنه يعلم من هذا الأمر شيئا ، فثابرت عليه حتى أنس بي وسكن إلي ، ووقف على صحة عقيدتي فقلت له : يا ابن رسول الله بحق آبائك الطاهرين لما جعلتني مثلك في العلم بهذا الأمر ، فقد شهد عندي من توثقه بقصد القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب إياي بمذهبي واعتقادي ، وإنه غزا بلادي مرارا فسلمني الله منه. فقال : يا أخي اكتم ما تسمع

पृष्ठ 339