وبواسطة الرواة المحترفين، الذين كانوا ينتقلون من مدينة إلى مدينة وأطلق عليهم «المنشدون الجائلون» وجدت أشعار هوميروس تداولا سريعا، ليس في وطنها الأسيوي فحسب، بل وكذلك في بلاد الإغريق وفي مستعمراتها الغربية، ودخلت أسبرطة بواسطة ليكورجوس
Lycurgus
الذي علم بوجودها من رحلاته إلى ساموس. ومن بين ذرية كريوفولوس
Creophylus ، ظهر شاعر ذائع الصيت اشتهر بأنه صديق هوميروس ومن أقاربه. وقد صارت هذه الأشعار، في سنة 753ق.م. أي بعد بدء الأوليمبياد بثلاث وعشرين سنة، ملكا عاما لجميع الأغارقة.
لما كان المنشدون الجائلون ينشدون أشعار هاتين الملحمتين في الحفلات والأعياد، فإن الجزء الأكبر منهما اقتضى تقسيما منتظما منذ بدايتهما، إلى أقسام مناسبة تسمح بفترات راحة، ليس للمنشدين وحدهم، بل وللمستمعين أيضا، ومن هنا نشأ تقسيم هاتين الملحمتين إلى أقسام منفصلة تسمى بالأناشيد، ووضعت لها عناوين ملائمة، وظلت مستعملة بهذه الصورة إلى تاريخ متأخر؛ إذ قسمت الملحمتان إلى أربعة وعشرين كتابا. وسرعان ما جرت العادة بتلاوة الأناشيد الفردية، بعضها محبوب بنوع خاص واعتبر أكثر ملاءمة من غيره لإظهار مواهب بعض المنشدين. وهكذا حدث أن بعض الأجزاء ألقي في حيز النسيان ، ونشأت فجوات بين الرواية الشفوية لتلك الأشعار. ومن ناحية أخرى، لم يسع المنشدين إلا أن يضيفوا إلى أنشوداتهم المحببة، خاتمات مناسبة وتكملات تتفق وأذواقهم، ولم يتورعوا، بطبيعة الحال، عن التغيير والتبديل والإضافة حيثما رأوا هذا مناسبا. ويرجع إلى مدينة أثينا شرف إيقاف مثل هذه الفوضى المتزايدة الناجمة عن تلك الأعمال. وكان صولون
Solon
أول من أمر بالتزام المنشدين بالنص الأصلي. وقام بيزيستراتوس
(في حوالي سنة 535ق.م.) بتكوين لجنة من عدة شعراء يرأسهم أونوماكريتوس
Onomacritus
لجمع الأقسام والأناشيد المتناثرة هنا وهناك، ومراجعة نصوصها على أساس النسخ الأصلية الموجودة وقتذاك وعلى التلاوة الشفوية للمنشدين والرواة.
अज्ञात पृष्ठ