وقاد «ناستيس»، «الكاريين»، الغلاظ الألفاظ، الذين كانوا يحتلون ميليتوس وجبل فثيريس، الغزير الأوراق، ومجاري مياندر المائية، ومرتفعات موكالي الشاهقة. وكان يقود هؤلاء القائدان «أميفماخوس» و«ناستيس»، ابنا «نوميون» المجيدان. وجاء «ناستيس» إلى الحرب يتحلى كله بالذهب، كما لو كان فتاة، فيا له من أحمق! بيد أن ذهبه لم يغنه شيئا، ولم يدفع عنه الحتف الأليم. فقد قتل في النهر بيد ابن أياكوس، السريع الأقدام، وقام أخيل الحكيم القلب بتجريده من الذهب!
وكان «ساربيدون»، و«جلاوكوس» عديم النظير، قائدين على «اللوكيين» - من الجهات النائية من لوكيا - ومن كسانثوس الزاخرة بالدوامات.
الأنشودة الثالثة
«... تعالي، هيا نأخذ حظنا من المتعة، فنضطجع معا ونرتوي من لذات الحب، فلم يسبق لي أن اجتاحتني مثل هذه الرغبة، ولا حين قاسمتك فراش الحب في جزيرة «كراناي».»
كيف اشتبك «مينيلاوس» و«باريس» في مبارزة فردية، وكيف أنقذت «أفروديت» باريس، وكيف أطلت «هيلينا» والملك «بريام» من فوق أسوار طروادة على جيوش الآخيين ... إلخ. «باريس» يتحدى الإغريق!
وعندما اصطفت جموعهم، كل فرقة مع قائدها، تقدم الطرواديون بصخبهم يصيحون كالطيور، كما تعلو صيحات الكراكي - حتى تبلغ عنان السماء - وهي تفر أمام زوابع الشتاء والأمطار الغزيرة، ثم تطير صارخة صوب مجاري الأوقيانوس، حاملة الفتك والموت لرجال «البيجيميس»، وعند مطلع الفجر الباكر تقوم بمعركة رهيبة.
أما الآخيون - من الجهة الأخرى - فقد أقبلوا في صمت، يتنفسون البسالة، وقد عقدوا العزم في قلوبهم على التعاون ومساعدة كل رجل لزميله. وكما تنشر الريح الجنوبية الضباب فوق قمم الجبال، ذلك الضباب الذي لا يحبه الراعي، ويعده اللص خيرا من الليل؛ إذ لا يستطيع المرء أن يرى فيه إلا بالقدر الذي يمسك به حجرا، هكذا كانت كثافة سحب الغبار التي أثارتها أقدامهم وهم يسيرون، وقد انطلقوا يعبرون السهل بأقصى سرعة.
وعندما اقتربوا، وتقدم كل جيش في مواجهة الآخر، نهض من بين الطرواديين بطل يشبه الإله، هو «ألكساندر»، يحمل فوق كتفيه جلد نمر أرقط، وقوسه المعقوفة وحسامه، ولوح برمحين لهما سنان من البرونز ، وتحدى خيرة الآخيين أن يقاتلوه وجها لوجه في عراك دموي!
1
بيد أنه عندما رآه «مينيلاوس»، العزيز لدى «أريس»، وهو يتقدم أمام الجميع بخطوات واسعة، انتابته فرحة الضرغام الذي عثر على جثة ضخمة، أو ظفر بقطامي ذي قرون، أو عنزة وحشية، وكان الجوع قد قضم أحشاءه، فانقض يلتهمها في نهم، مهما انبرت له الكلاب السريعة والشباب الجامح. هكذا كان سرور «مينيلاوس» حين وقعت عيناه على «ألكساندر» شبيه الإله؛ إذ اعتقد أن ستتاح له فرصة الانتقام من غريمه. وفي الحال، وثب من عربته إلى الأرض وهو في حلته الحربية.
अज्ञात पृष्ठ