وعن أبي جعفر محمد الباقر بن علي عليه السلام أنه كان يروي ويقول: إذا كان يوم القيامة جعل الله سرادق من نار، وجعل فيه أعوان الظلمة، وجعل لهم أظافر من حديد يحكون بها حتى تبدو أفئدتهم فتحترق، فيقولون: ربنا، ألم نكن نعبدك؟ فيقول لهم: ((بلى، ولكنكم كنتم أعوانا للظالمين))، رواه الهادي عليه السلام في الأحكام أيضا، وهو في الشفاء.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث [2]طويل: (( أمراء يكونون من بعدي لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردون علي الحوض))، الخبر، رواه أبو طالب عليه السلام في الأمالي.
وروى حديثا نحوه من طريق أخرى.
وبالجملة من طالع كتب الحديث وجد ذلك متواترا معنى، بل ذلك معلوم من الدين ضرورة وإيثار، أوردت ذلك لما في ذكره من الموعظة والتخويف ، وقد قيل: أن تسليم الأموال إليهم وما منها، ذلك لا يكون معاونة لهم إلا مع قصد كونه معاونة، وشبههم في ذلك أن قالوا: إنما هو مجرد تمكين، ومجرد التمكين لا يقبح، كتمكين الله للعصاة من الأموال وغيرها، ثم لايسمى مجرد التمكين من غير قصد معاونة، وإلا لزم أن يسمى الله معينا على الظلم، والله تعالى منزه عن ذلك، فما كان من المكلف من التسليم إليهم من غير قصد لا تناوله تلك الأدلة، وذلك باطل؛ لأن تمكين الله للعصاة إنما كان ليصح التكليف وتثبت الطاعة للمطيع والمعصية للعاصي، إذ لو لم يمكنهم لم يكن المطيع مطيعا ولا العاصي عاصيا، ولا استحق ثواب ولا عقاب، ألا ترى أنه تعالى مكنهم من المعاصي ولم يكن ذلك قبيحا منه تعالى لما كان لا يصح التكليف إلا به[3]ولم يجز للمكلف أن يمكن العاصي من المعصية لما كان مكلفا بالذب عن دين الله سبحانه وتعالى.
पृष्ठ 82