فإن قلت:كيف هذا النقل عنهم، وقد نقل القاضي العضد في كتابه المواقف وعيون الجواهر إجماعهم على القول بالغرض والعلل الغائبة في أحكامه وأفعاله تعالى وجوبا، بل تفضلا حيث قالوا: أنه تعالى داعي الحكمة فيما خلق، وأمر تفضلا ورحمة لا وجوبا، ونقل جمال الدين الأسنوي في شرح منهاج البيضاوي مثل ذلك حيث قال: أن البيضاوي نفع الراوي في نفي الفائدة، والغرض في أفعاله تعالى مع أنه قد نص في القياس على أن الاستقراء دال على أن الله تعالى شرع في أحكامه لمصالح العباد تفضلا وإحسانا.
قال: وهذا يقتضي أن الله تعالى لايفعل إلا لحكمة وإن كان على سبيل التفضل.
قلت: هذه حجة لنا في أنهم يناقضون كلامهم بكلامهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فالنقل عنهم في كلا الموضعين صحيح ثابت، لكن الذي يلائم أصولهم هو القول بنفي الحكمة، والغرض في أفعاله وأحكامه تعالى، ولهذا اشتغل تقويته صاحب المواقف، وبذل جهده في ذلك، وزعم أن الغرض في أفعاله وأحكامه تعالى محال؛ لأنه يستلزم الاستكمال ولأنه يستلزم غير ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وكذا البيضاوي ومن قبله كالرازي وغيره فإنهم مطبقون على منع الغرض في أفعاله تعالى، وإنما قلنا من الملائم لأصولهم لوجوه:
पृष्ठ 75